الجمعة، 15 مايو 2009

أثر إدراك المسئولية الإجتماعية علي فاعلية القرارات الإدارية

ملخص الدراسة

الإدراك هو عملية ذهنية تتضمن اختيار وتفسير وتنظيم وحفظ المعلومات التي تجمعها الحواس عن المثيرات الخارجية في شكل صورة ذهنية تؤثر في السلوك الحالي والمستقبلي للشخص المدرك . وتختلف الصورة الذهنية المكونة من شخص إلي آخر لتأثرها بالقدرات الحسية والذهنية والشخصية للفرد المدرك . والإدراك الاجتماعي ، هو عملية إدراكية أكثر تعقيداً من عملية إدراك الأشياء والأحداث الطبيعية ، حيث إنه عرضة للعديد من التشوهات والانحرافات الإدراكية . وقد يصبح السلوك دافعاً وراء العملية الإدراكية ، حيث يتم انتقاء المعلومات المدعمة للسلوك المسبق وإهمال غيرها من المعلومات وقد خصص الباحث الفصل الأول من هذه الرسالة لموضوع الإدراك مبيناً فيه مايترتب علي الإدراك الخاطئ أو المشوه من نتائج سلبية ، ومضحكاً كيفية التغلب علي النزعات المسببة للأخطاء الإدراكية والتي قد يترتب عليها آثار سلبية جسيمة في مجالات عمل منظمات الأعمال . وقد بين الباحث أن منظمات الأعمال تعمل علي التقريب بين مدركات العاملين بها من خلال تنمية ثقافة تنظيمية ملائمة لتحقيق أهداف التنظيم . كما أن جماعات العمل تقوم بإحتواء القادمين الجدد مزودة إياهم بالمعلومات التي تجعلهم يدركون الأمور بمنظور الجماعة الأصلية .

هذا وقد خصص الفصل الثاني لموضوع المسئولية الاجتماعية ، وما ينطوي تحتها من مفاهيم وما مرت به من تطور وما أثير حولها من جدل عبر العصور ، حيث بين الباحث أنه وعلي الرغم من الاتفاق علي أن لمنظمات الأعمال هدف عام ألا وهو المساهمة في تحقيق الرفاهية للمجتمع ، إلا إن الكثيرين مختلفون فيما بينهم في السبيل إلي تحقيق هذا الهدف النبيل . وقد بين الباحث الحجج والبراهين التي استخدمها كل من المؤيدين والمناهضين ، مبيناً مواكبة تطور مفهوم المسئولية الاجتماعية لتوقعات وتطلعات المجتمع حتي أصبح شاملاَ لكل ما من شأنه تحقيق الرفاهية للمجتمع عموماً ، حاضرة ومستقبله

ولتوضيح مسئولية المنظمة تجاه الآخرين ، أستخدم مفهوم العقد الاجتماعي . ووفقاً لهذا المفهوم فإن منظمات الأعمال مرتبطة بعقود اجتماعية مع أصحاب المصالح فيها ، إلا إنها وقد لا تعترف بمسئولياتها الاجتماعية كاملة تجاههم جميعاً ، بل إنها تستجيب لبعضهم وتهمل البعض الآخر وفقاً لفلسفة الإدارة والضغوطات التي تقع تحتها . ومن المفاهيم الأخرى المستخدمة في تحليل المسئولية الاجتماعية ، هو تمثيلها في شكل هرم تكون المسئولية الاقتصادية قاعدته ، لأن المنظمة لن تستطيع الصمود وإنجاز مهامها ما لم تكن ناجحة اقتصادياً ، والمسئولية التطوعية قمته ، لأنها فوق مايتوقعه المجتمع من المنظمة أو تلزمها به القوانين والأعراف السائدة . وحيث أن توقعات وتطلعات المجتمع للمسئولية الاجتماعية تتغير بصفة مستمرة ، فإن علي منظمات الإعمال متابعتها والتنبؤ بأولويات المجتمع حتي تستطيع التفاعل معها والاستجابة لها بكفاءة وفاعلية . وقد بين الباحث أن لإدراك الإدارة لأهمية المسئولية الاجتماعية ومالها من تأثير علي فرص نجاح المنظمة دور كبير في تحديد طريقة الاستجابة ، مستدلاً في ذلك بعدد من الحالات الواقعية لتوضيح دور الإدراك وما حققته المنظمات المدركة لمسئولياتها الاجتماعية من مكاسب مادية ومعنوية . وللتأكيد علي ديناميكية المسئولية الاجتماعية استعراض الباحث عدداً من الآراء والأفكار الحديثة التي ينبغي علي منظمات الأعمال تفهمها لأنها تمثل تحديات جديدة تفرضها التغيرات الاجتماعية .

هذه التحديات التي تواجه منظمات الأعمال تستدعي تفهم عميق لعملية اتخاذ القرارات التي تتضمن البحث عن الحل المناسب من بين الخيارات الممكنة في ظل الظروف السائدة في بيئة عمل المنظمة الداخلية والخارجية . وهذا الإختيار يتأثر بالمعايير التي يضعها متخذ القرار كأساس لإتخاذ قراره . وتستمر عملية إتخاذ القرار حتي بعد الإتخاذ الفعلي للقرارلضمان المتابعة والتقييم . وقد إستعرض الباحث في الفصل الثالث من هذه الرسالة تفاصيل عملية اتخاذ القرارات ، وأسس تصنيف القرارات ، مبيناً أن الإدارة العليا غالباً ماتحتفظ بالقرارات التي لها تأثير واسع ويترتب علي الخطأ فيها خسائر ونفقات باهضة قد تؤثر علي المنظمة ككل . كما بين الباحث أهم نماذج إتخاذ القرارات ، موضحاً أن بعضها يتطلب معلومات كاملة عن المشكلة والبدائل الممكنة لحلها والنتائج المتوقعة ، مما يجعله لا يتناسب مع البيئة الديناميكية سريعة التغيير التي تعمل ضمنها منظمات الأعمال . ولهذا فإن المدراء كثيراً ما يستعينوا بالحدس والتفضيل الشخصي فيما يتخذونه من قرارات ، خاصة عندما تكون غير مبرمجة وتتخذ في ظروف كثيراً مايشوبها الغموض وعدم التأكد . وقد أكد الباحث علي أهمية إدراك ماقد يواجه عملية اتخاذ القرارات من معوقات ، مبيناً ما يمكن إتخاذه من إجراءات لتلافي الآثار السلبية هذه المعوقات ، وموضحاً أن التحدي لمتخذي قرارات يزداد عندما يتعلق الأمر بالمسئولية الاجتماعية ، لما تتطلبه من موازنة بين الحقوق والواجبات للأطراف المعنية المتعددة ، مقدماً عدداً من المداخل الأخلاقية التي يمكن إستخدامها لترشيد القرارات . كما تطرق الباحث إلي أمرين هامين أولهما هو إتخاذ القرار في الأزمات ، مؤكداً علي ضرورة الاستعداد لمواجهة الازمات بإستراتيجيات بديلة . والأمر الثاني هو المشاركة في القرار بما فيها من مزايا ، كرفع الروح المعنوية للمشاركين وتلافي بعض العيوب والتحيزات الشخصية في القرارات الفردية ، وما قد يكتنفها من عيوب كنزعة الموائمة وتشتت المسئولية ، ويمكن تلافي هذا القصور بإعطاء المشاركين في اتخاذ القرار دوراً استشارياً للإحتفاظ بحق إصدار القرار النهائي وتحمل المسئولية كإختصاص أصيل للمدير .

هـذا وقـد توصل الباحث من خلال الدراسـة العملية التـي تضمنت استقصاء أراء عينة متمثلة في المسئولين الإداريين بالإدارة الوسطي والعلـيا بالشـركـة الاشتراكية للمواني .

نتائج الدراسة :-

1- ارتفاع مستوي الإدراك لدي المسئولين الإداريين بالشركة محل الدراسة لجميع أبعاد المسئولية الاجتماعية، وعلي الأخص البعد القانوني.

2- ارتفاع درجة مساهمة القرارات الإدارية في المنظمة محل الدراسة في تحقيق مسئوليتها الاجتماعية في الأبعاد المختلفة، ولكن مع وجود انخفاض نسبي في درجة المساهمة في تحقيق المسئولية الاقتصادية.

3- وجود اختلاف معنوي في متوسط الإدراك بين الحاصلين علي مؤهل علمي متوسط أو ثانوي فما دون ، والحاصلين علي مؤهل جامعي فما فوق ، وذلك فيما يخص الأبعاد الإقتصادية والقانونية والتطوعية ، وكذلك الحال بالنسبة للمسئولية الاجتماعية ككل .

4- وجود إختلاف معنوي في مستوي الادراك للمجموعات المصنفة حسب سنوات الخبرة العملية لمعظم أبعاد المسئولية الاجتماعية ع بإستثناء البعد القانوني .

5- وجود علاقة طردية بين إدراك المسئولين الإداريين للبعد القانوني من المسئولية الاجتماعية ومستوي دخلهم الشهري .

6- إدراك أفراد عينة الدراسة من المسئولين الاداريين لأبعاد المسئولية الاجتماعية لا يتأثر بدرجة ذات دلالة معنوية لما بينهم من فروقات في المستوي الوظيفي أو السن أو حجم أسرة .

7- وجود علاقة طردية بين إدراك الشخص لأبعاد المسئولية الاجتماعية وتحقيقه لأهداف المنظمة في مجالات المسئولية الاجتماعية . وتكون هذه العلاقة في أقوي حالاتها بين الإدراك والفاعلية في المجال ذاته.

8- وجد أن التباين في الإدراك يفسر أكثر من ثلث التغيرات في فاعلية القرارات ، هذا مع وجود عوامل أخري تخرج عن نطاق هذه الدراسة مسئولة عن تفسير الجزء المتبقي من التغيرات في فاعلية القرارات الإدارية .

التوصيــــات :-

استنادا علي ما تم جمعه من معلومات وما تم التوصل إليه من نتائج من خلال الدراسة الميدانية وفي ضوء ما اكتسبه من معرفة نظرية في مجال تخصص الدراسة ، ساغ الباحث مجموعة من التوصيات والتي يري أنها ستساعد المنظمة محل الدراسة ، وغيرها من المنظمات في رفع مستوي الإدراك لدي موظفيها بكافة مستوياتهم الوظيفية تجاه المسئولية الاجتماعية وتتلخص هذه التوصيات في التالي :-

1- وضع برامج وخطط واستراتيجيات توسعية تساهم المنظمة من خلالها في تحقيق مسئولياتها الاقتصادية وتوفر فرص عمل جديدة لاستقطاب الخريجين الجدد ولمنح فرص للمميزين من ذوي الخبرات من موظفيها لتحقيق تقدم في حياتهم الوظيفية .

2- السعي لدي جهات الاختصاص من أجل تحسين مستوي الدخل لكافة الموظفين وخاصة الذين يعملون في ظروف قاسية أو تتميز وظائفهم بالخطورة، أو من تلقي علي عاتقهم مسئوليات كبيرة.

3- الاهتمام برفع مستوي الادراك لدي المسئولين الاداريين للبعدين الاقتصادي والتطوعي من المسئولية الاجتماعية والذين لوحظ انخفاضهما نسبياً ، وذلك لما لهما من أثر في نجاح المنظمة اقتصادياً وبما يمكنها من تحقيق مسئولياتها الاجتماعية .

4- ضرورة الربط بين إدراك المسئولية التطوعية وفاعلية القرارات في مجال المسئؤلية الاقتصادية ، وذلك من خلال تنمية ثقافة تنظيمية تهتم بالاهداف الاستراتيجيات طويلة الأجل .

5- الاهتمام بعقد الندوات والمحاضرات وورش العمل من أجل مناقشة وإيجاد حلول لما يواجه المسئولين الاداريين خلال سنواتهم الأولى في الوظيفة من ظواهر لم يتم تناولها أتناء مرحلة الدراسة وقد يتسبب عدم فهمهم السليم لها في تكوين إدراك قاصر أو مشوه يؤدي بهم إلي أتخاذ قرارات غير رشيدة .

6- ضرورة أن تضمن سياسات وإستراتيجيات المنظمة لأهداف اجتماعية يحدد من خلالها نشاطها الاجتماعي ، وأن تتخذ الإجراءات الكفيلة بتحقيق هذه الأهداف بما يتمشى مع أولويات وتطلعات المجتمع .

7- توجد حاجة لإنشاء أجهزة أو وحدات إدارية بالمنظمة توكل لها مهمة الإشراف علي تحقيق المسئوليات الاجتماعية ، بما يتضمنه ذلك من متابعة مستمرة لتحديد أولويات المجتمع وإيجاد أفضل السبل للمساهمة في تحقيقها وتخصيص مايلزم من موارد بشرية ومادية لذلك .

8- إجراء المزيد من الأبحاث والدراسات العلمية التي تهدف إلي تحديد العوامل الأخرى التي يمكن من خلالها تفسير الجزء المتبقي من التغيرات المؤثرة في فاعلية إقرارات الإدارية والتي لم يتم بحثها لخروجها عن نطاق هذه الدراسة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق