الجمعة، 15 مايو 2009

العقبات التي قد تواجه أسلوب العمل عن بعد

المبحث الأول :صعوبة إدارة العمل عن بُعد :

إدارة الموظفين عن بُعد، تعتبر صعوبة أساسية توجه المنظمات التي تبنت أسلوب العمل عن بُعد . ويتطلب لإدارة موظفين ليسوا متواجدين في نفس مكان العمل مهارات إدارية مختلفة عن المهارات التي تحتاجها الإدارة بالأسلوب التقليدي. ونقطة البداية هنا تكون في تغيير جوانب معينة قي "ثقافة المنظمة" يلي ذلك تغيير في مواقف واتجاهات المديرين وكذلك تغيير في البناء التنظيمي (أو الهيكل التنظيمي) (HUWS, 1990 : 28 ).

هذه التغييرات ليست بالسهلة أبداً، وتتطلب الكثير من التعاون بين المديرين والموظفين والإدارة العليا. ويعتبر دعم الإدارة العليا شرطاً أساسياً للنجاح، ففي تدربة محافظة (لوس انجلس) في تطبيق أسلوب العمل عن بُعد أكل جولد “Gould” ، رئيس إدارة البرامج الخاصة، بأنه لولا دعم الإدارة العليا للبرامج وضغطها على المديرين الذين أبدو مقاومة مبدئية للبرنامج لما كتب لهذا البرنامج الناجح (Desky, 1991 : 20) .

هذه الصعوبات تتطلب إعداداً خاصاً يسبق التطبيق الفعلي لأسلوب العمل عن بُعد وهي كالتالي :

1ـ التغيير التنظيمي : يحتاج أي تغيير في أسلوب العمل أو إجراءاته إلى تغييرات تواءمه في الجوانب الأخرى من النظام الإداري، وتتطلب هذه التغييرات في الهيكل أو الإجراءات تطبيق أحد استراتيجيات إدارة التغيير أو التطور التنظيمي (Gray, 1993: 26) . وفي بحث أجري على عدد من المديرين في أربع دول أوروبية، وجد أن معارضة المديرين لأسلوب العمل عن بُعد هي في الحقيقة مقاومة للتغيير خوفاً من الإخلال بالنظام والنموذج القائم (HUWS, 1990 : 24 ).

2ـ الثقافة التنظيمية: ترى “Olson” أن إحدى عوائق تبني العمل عن بُعد في الشركات الأمريكية هو الثقافة التنظيمية السائدة في الشركات الأمريكية، التي تشجع الانتماء والإخلاص والولاء والوفاء القوي من قبل الأفراد والعاملين للمنظمات التي يعملون بها. والعمل عن بُعد، الذي يباعد مكانياً بين العاملين ويقلل من التفاعل الثقافي والاجتماعي بين العاملين ومع المنظمة ككائن اجتماعي، يناقض هذا التوجيه (HUWS, 1990 : 28 ).

3ـ الخوف والرهبة التقنية (الفوبيا التقنية): يعاني الكثير من مشكلة الخوف (غير المبرر) من التقنيات الحديثة من حاسبات آلية أو أجهزة اتصال حديثة، وتتركز هذه المشكلة لدى المديرين والعاملين مع هذه التقنيات، والكبار في السن. ويمكن التعامل مع هذه المشكلة للعمل بعض المتمرسين والمتخصصين في التعامل مع هذه التقنيات. وقد يكون من المفيد كذلك إعطاؤهم بعض المراجع والكتب التي تشرح، بصورة مبسطة، هذه التقنيات وكيفية استخدامها (Gray, 1993: 29) .

4ـ أمن وسرية المعلومات: يبالغ كثير من صانعي السياسيات في المنظمات في الحرص على أمن وسرية المعلومات، بالإضافة إلى عدم ثقتهم في التقنيات الحديثة من حيث عطلها في المنظمة وهذا يُعد العائق الرئيسي لأسلوب العمل عن بُعد . وعلى الرغم من أن هناك وجاهة في مثل هذا التخوف، إلا أن هناك الكثير من الإجراءات الوقائية والإجراءات الاحتياطية التي قد تقلل من حقيقة هذا الخطر . وقد يكون من المفيد هنا تقديم عرض من قبل أحد دور الاستشارات أو دور الخبرة المتخصصة في مثل هذا الحقل عن الإجراءات الممكن تطبيقها لحماية سرية المعلومات والحفاظ عليها من التخريب أو التحطيم (الفيروسات، الأعطال الفنية... الخ) (Gray, 1993: 29) .

5ـ سياسات التوظيف والاختيار: قبل البدء بأسلوب العمل عن بُعد لا بد من أخذ الحذر، والاهتمام بعملية الاختيار للعاملين الذين سيعملون بهذا الأسلوب. فليس كل الموظفين قادرين على التكيف مع العمل بهذا الأسلوب، ولا بد من تطوير اختبارات وتحديد من يستطيع أن يعمل بهذا الأسلوب، من حيث مدى مناسبة شخصياتهم، وتوفير المهارات والخبرات المناسبة للعمل عن بُعد (HUWS, 1990 : 29 ).

6ـ تهيئة وتدريب المديرين: المديرون الذين اعتادوا على الأسلوب التقليدي في الإدارة، والذين يعتمدون على اتصالات شخصية (وجهاً لوجه) وعلى الرقابة على أساس الحضور والانصراف، يجب أن يتبنوا أسلوباً مغايراً يعتمد على الرقابة والمتابعة على أساس الإنتاجية، وكذلك بالنسبة لمراجعة أنظمة التحفيز والدافعية. فلا بد للمدير أن يحدد بالضبط ما العمل الذي يتوقعه من الموظف عن بُعد، من حيث وقت الإنجاز (تقارير أسبوعية أو شهرية). بل قد يكون من المفيد أحياناً زيارة الموظف في مكتبه المنزلي (Barnes, 1994 : 9 ).

7ـ التدرج في التطبيق: حتى بعد هذا التحضيرات، ينصح دائماً بالتدرج في التطبيق بحيث يبدأ البرنامج بعدد صغير، مجموعة تجريبة “Pilotproject” ثم يتدرج مدروس يتوسع بالتطبيق إلى أن يصل إلى أقصى درجة ممكنة لتتحقيق الاستفادة المثلى من هذا الأسلوب (Huws, 1990 : 30 ). وقد أقدمت شركة (فوكسهول) لأنتاج السيارات (الشرق الأوسط، 1417 : 1 ، 4 ) عند عزمها على التطبيق اختيار يوم الجمعة (يوم عمل هناك) اليوم الذي يلازم فيه موظفو الشركة منازلهم والعمل منها (خاصة موظفي قسم المبيعات) تمهيداً لزيارة هذه الأيام في المستقبل .

ونادراً ما تؤسس الشركة وتقوم تماماً على العمل عن بُعد، ولكن عادة يتم إدخال أسلوب العمل عن بُعد، ولكن عادة يتم إدخال أسلوب العمل عن بُعد على الشركات القائمة ذات القوة العاملة التقليدية. وفي مثل هذه الحالات يستحسن إدخال هذا الأسلوب ببرنامج استرشادي صغير حتى وإن كان التصور المستقبلي أن تعمل معظم الشركة أو كلها بأسلوب العمل عن بُعد. وقد يأتي يوم يصبح فيه العمل عن بُعد أمراً شائعاً لدرجة تكون فيها البرامج الاسترشادية غير ذات جدوى. فاليوم يُعد أسلوب العمل عن بُعد طفلاً (حتى وإن وُلد قبل 20 – 30 سنة). ولهذا لا بد أن تكون البداية ببرنامج صغير تجريبي واسترشادي، وعند نجاح التجربة يمكن إشراك نسبة أكبر من القوى العاملة (Gray, 1993: 29).



المبحث الثاني : العزلة الاجتماعية :

إن المشكلة الكبرى التي يواجهها العاملون بالمنزل هي (العزلة) . وهنالك العديد من الطرق التي يمكن بها تصميم برنامج الشركة أو المنشأة لتخفيف هذه المشكلة، ولكن يجب أيضاً الأخذ في الاعتبار مكان العمل داخل المنزل نفسه، بحيث لا يكون منفصلاً عن بقية الأسرة والعالم الخارجي، ولا يكون من القرب بالصورة التي تؤثر على العمل سلبياً، وبشكل عام يجب الموازنة بين هذا وذاك .

المبحث الثالث: مقاومة المديرين لهذا الأسلوب :

وعلى الرغم من أن المديرين يمكن لهم الاستفادة من مثل هذا البرنامج، إلا أنهم أشد المقاومين للفكرة في القطاعين العام والخاص، وذلك حسب رأي متخصصي هذا البرنامج. هناك الكثير من المقومة من قبل المديرين ، حيث يتخوف المديرين من فقدان التحكم، فالعمل بالاتصال لا يلائم أسلوب الإدارة التقليدي. يوجه العديد من المديرين صعوبة بإحكام الرقابة على شخص لا يرونه، فالعمل عن طريق الاتصال يحتاج إلى تغيير في المواقف الشخصية وتغيير في التفكير، وكذلك لا بد من تطويع العمل ليناسب هذا النمط وتهيئة المنظمة إجرائياً وإدارياً وتهيئة العاملين للتعامل مع الموظفين العاملين من المنزل على التعامل مع باقي أفراد المنظمة من خلال الحاسب الآلي مثلاً . وفي مسح إحصائي وُجد أن 60% من المديرين يعارضون أسلوب العمل عن بُعدن بحجة أنهم يحتاجون إلى تفاعل مع الموظفين في المكتب لأداء العمل بصورة فعَّالة .

وفي إحصائية أخرى أجراها قسم العلوم الإدارية في جامعة (مينسوتا)، وُجد أن 53 % من المديرين يعتقدون بأن العمل عن بُعد صعب الإدارة (Huws, 1990: 28 ). وسيتم تناول هذا الموضوع بشيء من التفصيل لاحقاً في جزئية إدارة العمل عن بُعد.

المبحث الرابع : لا يمكن تطبيقه إلا على مهن بعينها :

ومن العقبات الأخرى أيضاً أن هذا الأسلوب (العمل عن بُعد) لا يمكن تطبيقه إلا على مهن بعينها، وبالذات المتخصص منها والحرفي مثل : المستشارين البيئيين والقانونيين والاقتصاديين وخبراء الفيزياء النووية والأطباء والكتَاب الصحفيين وأساتذة الجامعات ... إلخ. وكذلك ينبغي أن تتوافر في الموظف الذي يعمل عن بُعد القدرة على ضبط الذات من أجل إنجاز الأعمال في أوقاتها وبالنوعية المرضية (النسائي، 1417 : 36 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق