الجمعة، 15 مايو 2009

إدارة المعرفة في المؤسسات التعليمية

هناك اعتراف متزايد أن المناخ الاقتصادي للعالم يتجه نحو اقتصاد مبني على المعرفة knowledge-based economy ، حيث المعرفة ستكون عزيزة كالثروة الثمينة. بهذا الخصوص، التكنولوجيا يمكن أنْ تعزز كأداة مفيدة وبشكل فعّال، إدارة رأسمال معرفةَ المنظمات knowledge capital.
وبالرغم من أن عدّة دراسات بحثية قدمت أطر إدارة معرفة تلبّي متطلبات المنظمات المتخصّصة في الحقول المتنوّعة للمعرفة،فان إدارة المعرفة الشاملة لم توجد كتكنولوجيا وسيطة وموجهة نحو الحاجات الظاهرة لمنظمات البحوث التربوية educational research. ومن هنا ضرورة استخدام مدخل تكنولوجيا إدارة المعرفة المشكّلة كبوابة مطورة لخلْق المخزون repository ولتسهيل الموارد المشتركة في المنظمات البحثية. يشمل هذا الإطار المبنيّ على التكنولوجيا، عمليات إدارة المعرفةَ التي تأسْر وتدمج موارد المعرفة الواضحة للمنظمات البحثية. الإطار أيضا يدعم الشبكات الاجتماعية social networks التي تُمكّن المساهمة وتشفير المعرفة الضمنية عن طريق تسهيل التبادلات والتغذية الراجعة feedback عبر الإنترنت.
و تُقدّم مجموعة من النظريات السائدة، سويّة مع الممارسات والتوصيات الحالية، التي تركز على الإدارة الفعّالة للمعرفة في المواقع التعليمية. تُزوّد مجموعة من التصاميم البسيطة لربط الناس، والعمليات، والتقنيات، وتناقش كيف ان المنظمات يمكن أن تروّج للسياسات والممارسات التي تساعد الناس على أن يساهموا ويديروا المعرفة. وتوصف إدارة المعرفة: " كمجموعة الممارسات التي تساعد على تحسين استخدام البيانات والمعلومات في اتخاذ القرارات و تحسين المحاسبية Accountability في التعليم، وتعزيز ثقافةَ التكنولوجيا وثقافة المعلومات؛ وتزود المداخل والسمات العملية لإدارة المعرفة".
واذا حاولنا تطبيق ادارة المعرفة من اجل تعزيز استخدام الموارد البشرية human resources في بيئة الجامعة. فان قضايا تصميم برامج التعلّم الإلكترونية e-learning courses يمكن أنْ تحافظ على معرفةَ المعلّم. إنّ التعلم الإلكتروني معرفة رئيسية ومصدر رئيسي للعديد من الجامعات. لذا، تصميم التعلم الإلكتروني يجب ان يكون جزءاً مهماً من عملية إدارة معرفة الجامعةَ university knowledge management. معارف المعلمين- المحاضرين في أيّ موضوع أو حقل مهم يجب أنْ تدار بطريقة الكترونية من الجامعة، التي يمكن أنْ تستفيد منها في حالة ترك المعلم أو تقاعده. من هنا، إدارة المعرفة الشخصية الثقافية ستستكشف من خلال تطوير أنظمة التعلم الإلكترونية.
بعض المفاهيم من مجال الذكاء الاصطناعي يمكن أن تستخدم في تطوير مثل هذه الأنظمة. امكانية استعمال المعرفة الإنسانية في بيئة الجامعةَ ستُحسّن الموارد، ويمكن أن تكون من عوامل تحقيق الجودة quality assurance وفعالية الكلفة cost effective وتزود الجامعةَ بميزة تنافسية مستمرة. ضمان إدارة المعرفة الملائمة ضمن بيئة الجامعةَ قضية أكثر تعقيداً. بسبب تنوع المواضيع من جهة، وسلوك الطلاب والمحاضرين من ناحية أخرى. يتطلب التطبيق والنجاح الفعّال الكثير من الجهود التي ستضمن استخدام الرأسمال الثقافي ضمن بيئة الجامعةَ.
وفي مسح وُزّع على 1285 مديرا في 257 جامعة بحثية عامّة وخاصّة، واستجاب 300 مشارك من 161 جامعة (62.6 % نسبة المستجيبين).أظهرت نتائج البحث أن التكنولوجيا كانت الإستراتيجيةَ الأكثر تطبيقاً. الاختلافات البارزة وُجدتْ بين الجامعات العامّة والخاصّة بخصوص إستراتيجية القيادة وعمليات نقل المعرفة. النموذج المتميز المقترح لتصنيف المؤسسات بواسطة مستوى فعالية إدارة المعرفة كان 76 % منه دقيقا. الاختلاف في فعالية إدارة المعرفة تراوح من 46.6 % إلى 30.1 % . أكثر العوامل الحاسمة لإدارة المعرفة الفعالة تركّز حول إستراتيجيات التكنولوجيا.
إن إدارة المعرفة وضعت تقليديا بشكل جيد في سياق المؤسسات. كيف نستعمل المعلومات المحتفظ بها بواسطة ممارسات إدارة المعرفة لتحسين أداء الموظفين. يجب أن نبحث إمكانية دمج بيانات إدارة المعرفة بممارسات التعلّم الإلكتروني لإنْتاج فعّال، ذو مغزى، وحلول تحسّن الأداء. في عام 2000 عقد مؤتمر تنمية الموارد البشرية الدولي. أهداف المؤتمر كانت كالتّالي:
(1) عدّ مكوّنات إدارة المعرفة.
(2) وصف العوامل التي تؤثّر على ادماج إدارة المعرفة والتعلّم الإلكتروني (التقنيات، الطبيعة البشرية، الثقافة التنظيمية).
(3) تقييم عوائد وتقييدات التعلم الإلكتروني وإدارة المعرفة .
(4) التأسيس لمجتمع التعلم المهتم بتكامل التعلّم الإلكترونيِ وإدارة المعرفة.
المتابعة كانت لمجموعة قضايا مختارة للمناقشة من قبل أعضاء لجنة المؤتمر:
(1) الوضعية الحالية للتعلم الإلكتروني.
(2) العوامل التي لعبتْ الدور الأكبر تقليدياً في انتشار / استخدام أنظمة إدارة المعرفة.
(3) طرق التثقيف (القومية، التنظيمية، المهنية) التي تؤثر على إدارة المعرفة.
(4) عوائق دمج التعلم الإلكترونيِ وإدارة المعرفة.
(5) مدى تأثير التكنولوجيا على تبني الأنظمة في المنظمات.
ويبدو ان احد المفاهيم المستخدمة والقديمة نسبيا وهو التعلم التعاوني collaborative learning يُتجه نحو استخدامه كمدخل مبني على إدارة المعرفة. ويذهب الباحثون أن التكنولوجيا المعتمدة على الإنترنت Web-based أداة محتملة للتعلّم التعاوني الذي قد يثري أداء التعلم، مثل بناء المعرفة التفردية individual knowledge أو مشاركة المعرفة الجماعية group knowledge. هكذا، التعلّم التعاوني المؤسس على الإنترنت من اجل إدارة المعرفة knowledge management قضية حاسمة. وفي دراسةَ تحرّت اتجاهات المتعلّمين نحو أنظمة التعلم التعاونية على الإنترنت. استند البحث على نتائج التحليل العاملي التي توصلت بأنّ عوامل الاتجاهات الخمسة (وظائف النظام، الرضى عن النظام، النشاطات التعاونية، خصائص المتعلّمين، وقبول النظام) يجب أنْ تُفْحَص في نفس الوقت عند بناء نظام تعلّم تعاوني على الإنترنت. تزوّد النتائج أيضا نموذج قبول acceptance model لفهْم مقاصد المستخدمين السلوكية لتسهيل الأنظمة التعاونية المؤسسة على الإنترنت.
وأحد تطبيقات إدارة المعرفة، في مجال التعليم عن بعد Distance Education. ويذهب الباحثون أننا نعيش عصر الاقتصاد الرقمي digital economy في الوقت الحاضر. هكذا، الطرق التقليدية يجب أن تستبدل بالأنظمة الحديثة. إذا كنا نريد أن نحقق الأهداف التنمويةَ، يجب أن نبني المخزون المعرفي knowledge repository. نجاح أيّ نظام اليوم يعرف برأسمال معرفته. إدارة المعرفة (KM) يمكن أن تزوّد الجامعة بفرصة لتكامل العمليات، وتسهّل التعاون، وتشكّل علاقة عبر الحدود التنظيمية التقليدية. وتزوّد إدارة المعرفة الفرص لتجديد التفكير، إعادة الصياغة وإعادة الهندسة re-engineer. الاتصالات الحالية communication تحاول بناء إطار للجامعات المفتوحة open universities لاستعمال إدارة المعرفة بشكل فعال، للمحافظة على العلاقات وجذب الطلاب الجدّد، وتبنّي أصول المعرفة ذات القيمة العالية high-valued للاستجابة لتغيرات الطلب على التعليم.
ويبدو أن إدارة المعرفة وظيفة عمل تكاملية للعديد من المنظمات لإدارة الموارد الثقافية بشكل فعال. وهنا نلاحظ تشابك إدارة الجودة الشاملة TQM بإدارة المعرفة. و جدير مناقشة كيف أن التعلّم التنظيمي organizational learning وإدارة الجودة الشاملة يساهمان في إدارة المعرفة.
ومن هنا باتت إدارة المعرفة تشكل المجال الواسع للدول الناهضة ، كنمط بديل عن الإدارة التقليدية في إدارة الفصول الدراسية.ففي دراسة هدفت بحث دور إدارة المعرفة Knowledge Management والتجديد المستدام Sustainable Innovation في إعداد المعلم السنغافوري قبل وأثناء الخدمة.ذهبت إلى انه في 1997، وزارة التربية في سنغافورة (MOE) ألزمتْ نفسها ببرنامج طموح للإصلاح التربوي في المدارس السنغافورية تحسُّباً لنوع التحديات المؤسساتية - خصوصاً في أسواق العمالة المُعَولمة- التي يمكن أن تواجه الشباب السنغافوري في العقود القادمة. منذ ذلك الحين، الوزارة صمّمتْ وطبّقتْ سلسلة من المبادرات، في هذا السياق، المؤلفون يقترحون، أن هذا يتطلب زمنا طويلا لإنجاز أهدافها. تُركّزُ هذه المبادرات على التغييرات الكبيرة التي حدثت في نظام "الحكومة التعليمية" في سنغافورة خلال العقد الماضي، والجهود لتغيير نمط طرق التدريس . لكن بينما هذا يُمثّلُ بداية جيدة، يجادل المؤلفون بِأن هذه المبادرات لا تذهب بعيدا بما فيه الكفاية لغلق الفجوة بين السياسة والممارسة. وبينما تحسين طرق التدريس على المدى البعيد سيعتمد على تحسين إعداد المعلّم بشكل أساسي، يتضمن ذلك الظروف التي تحسّن التعلم المهني في كل من برامج قبل الخدمة وأثناء الخدمة، تحسين إعداد المعلّم سيعتمد جوهرياً على التحسين المسبّق لطرق التدريس من خلال ادارة المعرفة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق