الجمعة، 15 مايو 2009

العلاقات العامة الدولية والاتصال بين الثقافات

يمتاز هذا الكتاب بغزارة المراجع العلمية والدراسات الحديثة التي استطاع المؤلف من خلالها أن يطرق أبوابًا جديدة للمعرفة المتعمقة في بداية دراسات العلاقات العامة والإعلام، بما يعكس جهدًا علميًّا رصينًا وإضافة منهجية ومعرفية، تسد فراغًا ملحوظًا في الدراسات الإعلامية.

يعد موضوع دراسات العلاقات العامة الدولية، ودراسات الاتصال بين الثقافات من الموضوعات الحديثة في علوم الاجتماع والاتصال والإدارة. فقد برز الاهتمام بها في عصر العولمة وشرعت الجامعات الأميركية في تدريسها في العقد الأخير، وتبعتها الجامعات العربية في السنوات الأخيرة.وهذا الكتاب (العلاقات العامة الدولية.. والاتصال بين الثقافات) أول كتاب بالعربية في العلاقات العامة الدولية والاتصال بين الثقافات، اعتمد فيه المؤلف الأستاذ الدكتور راسم محمد الجمال على المؤلفات الإنجليزية على ندرتها، وعلى كم كبير من البحوث والدراسات والمقالات المنشورة في الدوريات العلمية العالمية ذات العلاقة بالموضوع .

والتي يجد القارئ ثبتًا بها في نهاية الكتاب.وقد ربط المؤلف العلاقات العامة الدولية بالاتصال بين الثقافات ؛لأنها برأيه تمارس في بيئات ثقافية متنوعة ومتباينة، وأحيانًا متناقضة، والاتصال الذي يمارس في إطارها هو في الواقع اتصال بين ثقافات. والملاحظ في هذا الصدد أن إثراء الجانب الثقافي في العلاقات العامة لم يأت من باحثي العلاقات العامة، وإنما جاء من باحثي الدراسات الثقافية والاتصال بين الثقافات.

يقع الكتاب في تسعة فصول أحاطت بالموضوع من جميع جوانبه، يتناول الأول منها العلاقات العامة الدولية في سياق العولمة من خلال أربعة موضوعات فرعية تبدأ باستعراض العلاقات العامة الدولية قبل عصر العولمة، ثم تحليل العوامل الاقتصادية والتكنولوجية والدولية التي زادت من أهميتها بعد ذلك، ثم وضعيتها في عصر العولمة، وأخيرًا عرض لتعريفاتها، ونظرًا لأهمية بيئة الاتصال الذي تمارس فيه العلاقات العامة الدولية، والذي يتسم بالجدلية.

فقد جاء الفصل الثاني ليعالج هذه القضية باستعراض الرؤى الإيجابية والسلبية التي تتناول هذا الواقع، متبعًا ذلك بعرض رؤية نقدية لهذا الواقع وذلك ليبيّن الاتهامات المثارة حول إساءة استخدام العلاقات العامة في البيئات الدولية والمحلية،حيث يوجد في التراث العلمي لإدارة الأعمال أمثلة كثيرة لنماذج خادعة وماكرة تستخدمها المنظمات متعددة الجنسية للاحتفاظ بقوتها وسيطرتها على فروعها في الدول الأخرى منها إعادة تشكيل قواعد وقيم وسلوكيات العاملين بما يتماشى مع رغبات الدوّل المضيفة والمنظمة الأم، وتتبع هذه المنظمات ثقافة تنظيمية واحدة سواء في المقر أو في فروعها لبناء ثقافة تنظيمية متجانسة.

وهو ما يشبه عمليات تسويق السلع عالميًّا من خلال خلق أذواق وقيم استهلاكية متجانسة، فالعالم الذي يجرى بناؤه الآن لا يخدم سوى مصالح الدول الكبرى وشركاتها متعددة الجنسية، يصدق على هذا على السلع كما يصدق على الأفكار والمعتقدات، حتى الأفلام والأغاني وأنماط الملبس.

ويشرح الفصل الثالث نظرية المبادئ العامة والتطبيقات الخاصة، وهي النظرية المعيارية المطروحة الآن للعلاقات العامة الدولية والتي يجري اختبارها في عدد كبير من الدول، وهي نظرية تصف الطريقة التي يجب أن تمارس بها العلاقات العامة على المستوى الدولي أو الطريقة التي يجب أن تؤدى بها بعض أنشطتها،وهذه النظرية بالتحديد لم يتم تطبيقها أو اختبارها في الدول العربية، ليعرض لنا المؤلف بعد ذلك الانتقادات الموجهة إلى هذه النظرية.

ويعتبر الفصل الرابع مكملاً للفصل الثالث حيث يشرح فيه المؤلف التغيرات البيئية التي تؤثر على ممارسة العلاقات العامة الدولية في مختلف الدول من حيث البنية الأساسية للدول المستهدفة بالعلاقات العامة، ونظامها السياسي، ونموها الاقتصادي والقانوني والجماعات والحركات النشطة فيها، والأخيرة هذه هي المجال الأهم والأكثر استجابة في الدول النامية لإنشاء علاقات شراكة مع منظمات عالمية سلعية قامت أو فكرية، وتعتبر هذه الجماعات والحركات النشطة مع العاملين في حقلي الإعلام والثقافة أكثر الفئات طموحًا للتعامل مع منظمات دولية حسب النظام العام في بلدهم.

يتناول الفصل الخامس العلاقات العامة الحكومية الدولية التي تمارسها الحكومات مع جماهير الدول الأخرى، والتي تعرف بالدبلوماسية العامة، ويبدأ الفصل بشرح مفهوم الدبلوماسية العامة وتعريفاتها، ويدرس بعد ذلك الصور الذهنية كمتغيِّر في العلاقات الدولية.

ويركز بالذّات على الدبلوماسية العامة الأميركية الموجهة إلى الجماهير العربية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، وإعلان الحرب على ما سمته الإدارة الأميركية بالإرهاب، ويغوص هذا الفصل كثيرًا في استراتيجيات الولايات المتحدة وتغيراتها بين كل من تشارلوت بيرز التي عينها كولن باول لتسويق مفهوم أميركا للإرهاب وهي امرأة قادمة من عالم الوكالات الإعلانية وبين كارين هيوز التي كانت مهمتها تغيير الإستراتيجية من الحرب على الإرهاب بإستراتيجية النضال العالمي ضد التطرف العنيف (بتعبير وزارة الخارجية الأميركية).

وترتبط الفصول السادس والسابع والثامن ببعضها البعض،فهي تتناول الاتصال في العلاقات العامة الدولية. ويتناول الفصل السادس اتصال العلاقات العامة الدولية باعتباره اتصالاً بين ثقافات، وتأثير الثقافة المجتمعية على الاتصال في العلاقات العامة الدولية ومحدداتها وأبعادها، وثقافة المنظمات، ومشكلة اللغة في العلاقات العامة الدولية.

ويتناول الفصل السابع إستراتيجيات الاتصال المستخدمة فعلاً والنماذج المقترحة للاتصال في العلاقات العامة الدولية. ويتناول الفصل الثامن «الإنترنت» كوسيلة اتصال في العلاقات العامة الدولية من خلال موضوعين: أولهما: الوظائف والقدرات الافتراضية «للإنترنت» كوسيلة اتصال في العلاقات العامة الدولية، والثاني: الواقع الفعلي لاستخدام الشبكة في الاتصال من قبل المنظمات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق