الجمعة، 15 مايو 2009

التنفيذ والصياغة الاستراتيجية وجهان لعملة واحدة

ان تطبيق الاستراتيجية بصورة ناجحة يمثل تحديا اكثر صعوبة وتعقيدا لان طريقة معالجة هذا التحدي وترجمته الى سلسلة من الانجازات يحدد مباشرة الجهد المبذول سابقا . اذ ان فشل الادارة في تطبيق الاستراتيجية لايقتصر على هذه المرحلة وحسب وانما يتعداها الى فشل الادارة الاستراتيجية ككل . ومهما كانت الادارة ناجحة في البيئة الداخلية والخارجية مع استخدامها نماذج وادوات التحليل الاستراتيجي الخاصة بعملية اختيار وصياغة الاستراتيجية المناسبة تصبح كل خطواتها لامعنى لها اذا لم توضع في سيق تنظيمي مناسب وتنقل الى خطوات تنفيذية سليمة .
ان الصياغة تهتم ببيان وتحليل العوامل المؤثرة قبل التنفيذ ، كما ان مرحلة التنفيذ تهتم بأدارة العوامل المؤثرة اثناء العمليات والانتاج وانها تبنى على اساس العمليات التشغيلية مع التركيز على الفاعلية والكفاءة ، بينما تركز الصياغة على التنبؤ والتوقع المستقبلي . ويمكن القول ان صياغة الاستراتيجية بشكل جيد يعد الخطوة الاولى للتنفيذ الفعال . وان المدراء الاكفاء غالبا ما يتحركون الى الخلف والى الامام بين صياغة الاستراتيجية وتنفيذها . اذ ان الادارة تواجه مسألة جوهرية تتمثل في ضرورة تعدد خياراتها الاستراتيجية بصورة دائمة اثناء تنفيذها .
مفهوم عملية التنفيذ الاستراتيجي :
يعرف التنفيذ الاستراتيجي بانه العملية التي يتم فيها ترجمة الاستراتيجية المصاغة او الموضوعة الى اجراءات عمل في اطار بناء نظم التخطيط وتخصيص الموارد المادية والبشرية ، ونظم للحوافز والمكافآت ، والهيكل التنظيمي ، والسياسات التنظيمية الساندة ، ونظم المعلومات ، والاتصالات ، والقيادة ، ونظام تقويم الاداء الاستراتيجي .
التخطيط الستراتيجي والتنفيذ وجهان لعملة واحدة :
ان التخطيط الستراتيجي من جهة والتنفيذ والرقابة من جهة اخرى هما وجهان لعملة واحدة تسمى الادارة الستراتيجية فلا يمكن الحصول على تنفيذ ستراتيجي فعال ورقابة دونما النجاح بتحقيق الاهداف القياسية للاداء ، كما ان الستراتيجية قد صنعت من خلال التخطيط الستراتيجي . والعكس صحيح ايضا ، فالمنظمة يجب ان تحصل على تنفيذ ستراتيجي ذي مغزى ونظام رقابة يجهز التغذية المرتدة الضرورية لتطوير الخطط الستراتيجية .
Boseman , 1989: 111
وخلال محاضرة غير مطبوعة للاستاذ المساعد الدكتور علي حسون الطائي اكد ان التنفيذ الاستراتيجي هو المحك الجوهري لعناصر الادارة الاستراتيجية الذي يكشف مدى نجاح هذه الادارة في تحقيق ادائها بشكل فاعل وكفوء ، كما يؤكد ديناميكيتها وتفاعل اجزائها وعناصرها بشكل جدلي متكامل لايقبل التقسيم او المرحلية . لذلك فالادارة التنفيذية تسترشد بعملية التنفيذ الاستراتيجي من خلال ادواتها ووسائلها المعلوماتية المرتدة والرقاببية لهذا الغرض المهم الذي يصب في تقويم وتعديل وتصويب الاستراتيجية وصياغتها .
( من محاضرة غير مطبوعة للدكتور علي حسون الطائي ، 2007 )
مستلزمات التنفيذ الاستراتيجي في المنظمة :
يتكون نموذج تطبيق استراتيجية المنظمة من اربعة خطوات اساسية تمثل مستلزمات التطبيق التي تبدأ من عملية تحديد طبيعة التغير الاستراتيجي ، أي حجم ومدى التغير المطلوب ، فبعض الاستراتيجيات تتطلب تغيرات بسيطة في الهيكل التنظيمي للمنظمة وفي الانظمة الادارية المستخدمة فيها ، في حين تفرض استراتيجيات اخرى ضرورة تنفيذ تغيرات جذرية في التنظيم والادارة والانظمة وفي نوعية الثقافة التنظيمية السائدة .
حيث تتضمن مستلزمات وعوامل او عناصر التنفيذ الفعال :
1. هيكل تنظيمي ملائم لتطبيق الاستراتيجية .
2. انظمة ادارية ملائمة للتطبيق .
3. اساليب ادارية كفوءة للتطبيق .
4. ثقافة تنظيمية منسجمة مع استراتيجية المنظمة .
واشار اليها آخرون بأنها :
اولا : العناصر ذات السمة المؤسسية ( تصميم المنظمة ) :
1. الهيكل او التركيب المنظمي : وتعتمد فاعلية الهيكل او التركيب المنظمي على مستوى استجابته لحالة التغيير في الاستراتيجية .
2. قيادة المنظمة : وتعني طريقة تحفيز الافراد والمجاميع ، واسلوب اتخاذ القرارات الادارية ، ومجالات التركيز في بيئة العمل .
3. ثقافة المنظمة : أي المعتقدات والقيم والسلوكيات التي يتمسك بها العاملون
ثانيا : ادوات الاداء :
1. الاهداف السنوية المنبثقة عن الاهداف الستراتيجية .
2. تطوير ستراتيجيات وظيفية من خلال :
• ادارة العمليات والانتاج .
• التسويق .
• التمويل والمحاسبة .
• البحث والتطوير .
• ادارة الموارد البشرية .
• السياسات والاتصال.
واشار اليها آخرون بأنها تتضمن :
1. الهيكل التنظيمي المناسب .
2. التخصيص المتوازن للموارد
3. نظام ملائم للتحفيز
4. انظمة فعالة للمعلومات الادارية
5. ثقافة تنظيمية مشجعة للعمل .
الانظمة الادارية المساندة لتنفيذ الاستراتيجية :
1. انظمة المعلومات الاستراتيجية : وتلعب دورا مهما من خلال : تحسين الكفاءة التشغيلية .
2. تعزيز الابداع التكنولوجي ، والقدرة على التصنيع .
3. بناء مصادر للمعلومات الاستراتيجية لانظمة متقدمة للمعلومات تساهم في تحسين فعالية وكفاءة العمليات والانشطة الداخلية ، وهذا يعني امتلاك برامجيات واجهزة تطوير الاتصالات الالكترونية . وان اكبر فائدة يقدمها نظام المعلومات الاستراتيجية هو في بناء قاعدة معلومات استراتيجة لتزويد الادارة بالمعلومات الضرورية للتخطيط والسيطرة واتخاذ القرارات ، وكل الانشطة الساندة .
4. انظمة التخطيط والسيطرة : يمكن القول ان الاستراتيجية هي بصورة او باخرى منظومة متكاملة من الخطط العملية التي تهدف الى تحقيق رسالة المنظمة . ومن مظاهر التعبير عن انظمة التخطيط هي الميزانيات التي تتولى تزويد الادارة بالمعلومات الضرورية عن الدخل والنفقات الحالية والمتوقعة في كل مرحلة من مراحل تطبيق الاستراتيجية .
5. الانظمة الحاسوبية المتكاملة مع التصنيع CIM Computer-integrated Manufacturing Systems
وهي برامج حاسوبية تتكامل مع عمليات التصنيع والانتاج وتساهم في تنظيم كل نشاط في بيئة التصنيع وانتهاء بتوزيع المخرجات من منتجات وخدمات . وقد ظهر اهمية تطبيق برامجيات متقدمة لهذه الانظمة في التخطيط لمستلزمات المواد وبالذات انظمة MRP في الوقت الحاضر تستخدم انظمة حاسوبية ذات تقنيات عالية لمساندة عمليات التصنيع باشكال مختلفة مثل انظمة الاتمتة ( الروبوتات ) وانظمة Just-in-time JIT ، وكذلك TQM الادارة النوعية الشاملة ، بهدف تحقيق تكامل بنيوي مع كل عمليات الانتاج والسيطرة العملياتية .

ويشير بوسمان الى ان المفتاح للتنفيذ الستراتيجي الناجح يتمثل في خمس عناصر او عوامل :
1. الستراتيجية .
2. الهيكل التنظيمي .
3. الثقافة التنظيمية .
4. المحفزات .
5. الموارد البشرية .
Boseman,1989: 112
المحددات ال 8 للتنفيذ الستراتيجي استنادا الى ثومبسون :
1. بناء المنظمة ورفدها بالمميزات التنافسية ، والمهارات والموارد القوية لانجاز الستراتجية بنجاح .
2. تطوير الميزانيات لتعبئة الموارد لسلسلة القيمة وانشطتها الحرجة بهدف النجاح الستراتيجي .
3. انشاء السياسات الساندة للستراتيجية والاجراءات الاساسية .
4. توظيف افضل الخبرات والدفع بأتجاه التحسين المستمر في كيفية انجاز سلسلة القيمة
5. اقامة شبكة المعلوماتية والاتصال ، والتجارة الالكترونية ، والاجهزة العاملة التي تمكن الشركة وكادرها من انجاز ادوارها الستراتيجية بنجاح يوما بيوم .
6. ربط المكافآت والمحفزات بانجاز الاهداف والاداء والتنفيذ الجيد .
7. خلق الاعمال الساندة للستراتيجية من مناخ بيئي وثقافة تنظيمية .
8. القيادة الضرورية لتوجيه التنفيذ قدما ، وصيانة التحسينات .
Thompson, 2003: 357
هيكل المنظمة يتبع استراتيجيتها :
وذكر بوسمان بصدد العلاقة بين الهيكل والتنفيذ الستراتيجي ، ان المنظمة هي منظومة من الناس والتكنولوجية والموارد والمعلومات صممت لبلوغ اهداف محددة ، وان الهيكل الفاعل هو الذي يسهل انجاز المهام المشتقة من الستراتيجية ، ويتم اختياره من قبل المنظمة لتحقيق اهدافه .
ان هيكل المنظمة ذو دلالة في كيفية تقسيم العمل وتصميمه للعاملين ، وكيف ان العاملين يجب ان ينشطوا لانجاز واجباتهم المنسقة في المنشأة . ولان طبيعة العمل قد حددت من قبل ستراتيجة المنظمة فان هيكل او بناء المنظمة المعني بتنيسيق اداء تلك المهام يجب ان يتبع الستراتيجية المنظمية ، فمثلا لو ان شركة لها معمل بسيط فانها تستخدم الهيكل الوظيفي ، وكلما اخذت تنمو وتتجه الى اعمال جديدة فانها تبني هيكلا متعدد الابعاد .. اما اذا اختارت المنشأة التميز من خلال ستراتيجية الاندماج باعمال غير مرترابطة فانها تختار هيكلا كتلويا متجمعا . وهكذا فان هيكل المنظمة لابد ان يكون متناسبا مع الستراتيجية الحالية ، لتسهيل تنفيذ الرسالة الستراتيجية .
Boseman,1989: 113
دور الهيكل التنظيمي :
يتعين على ادارة الشركة عقب الانتهاء من صياغة الاستراتيجية البدء في تصميم الهيكل التنظيمي الذي سيتم من خلاله تنفيذ الاستراتيجية ، وتفتقد الانشطة الخاصة بخلق القيمة التي يقوم بها اعضاء الشركة معناها ومغزاها اذا لم يتم استخدام نوع مما من الهيكل التنظيمي لتخصيص المهام واسنادها الى الافراد المناسبين ، مع العمل على ربط الانشطة لمختلف الافراد بالوظائف المختلفة . ويتجسد دور الهيكل التنظيمي في توفير وسائل يمكن للمديرين استخدامها لتنسيق انشطة الوظائف والاقسام المختلفة من اجل استغلال كامل مهاراتهم وقدراتهم .
وهناك بعض االتساؤلات التي تثار لهذا الغرض مثل :
• ما عدد مستويات الهيكل التنظيمي ؟
• هل يمكن تحديد عما اذا كان هيكل الشركة طويلا رأسيا ام مسطحا ، وما تأثير ذلك على سلوك الافراد ؟
• ما نوع الهيكل المطلوب الذي ينسجم مع ستراتيجية الشركة واعمالها ؟
• ما نوع التغيرات التي يتطلب اجراؤها في الاتجاهين العمودي والافقي ؟
الهيكل المسطح :
يحاول المديرون جاهدون الحفاظ على هيكل المنظمة بسيطا ما امكنهم ذلك وينتهجون في هذا السبيل ما يعرف بمبدأ الحد الادنى من سلسلة الإمرة ، أي الحد الادنى من عدد مستويات الادارية الضرورية لتحقيق استراتيجيتها ، ويحاول المديرون الحفاظ على الهرم مسطحا ما امكنهم ذلك ، لان الهياكل الرأسية الطويلة يمكن ان تحدث الكثير من المشاكل مما يؤدي الى صعوبة تحقيق وانجاز الاستراتيجية ، و رفع مستوى التكاليف البيروقراطية . وتعويق عملية الاتصال والتنسيق بين الموظفين ، اضافة الى تحريف المعلومات وتشويشها .
بينما يتعلق التمييز الرأسي بتقسيم السلطة نجد ان التمييز الافقي يركز على تقسيم وتجميع المهام والواجبات من اجل انجاز اهداف العمل . ونظرا لان مهام المنظمة ترتبط الى حد كبير باستراتيجيتها لذا فان الشركات تختار صيغة من التميز الافقي او الهيكل الذي يتماشى مع استراتيجيتها ..

هيكل فريق الانتاج :
ويعد من اكبر الابتكارات في هذا المجال خلال السنوات القليلة الماضية ، وعلى صعيد المزايا نجد انه يشبه هيكل المصفوفة الا انه اسهل من حيث التطبيق واقل تكلفة من حيث التشغيل ، وذلك يرجع لتنظيم الافراد في نطاقه كفريق دائمة للوظائف المتداخلة .

الهيكل المتعدد الاقسام :
ولكن مع نمو الشركة وتنوع انشطتها فانها تتبنى الهيكل متعدد الاقسام فهو يساعد في التغلب على مشكلات التحكم المرتبط بالهيكل الوظيفي ، كما يمنح الشركة القدرة على التعامل مع انشطة خلق القيمة بفاعلية اكبر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق