الأربعاء، 13 مايو 2009

التنظيم بين العقلية الفردية والمؤسساتية

التنظيم بين العقلية الفردية والمؤسساتية
بدون وجود تنظيم قوي راسخ يعمل بشكل مؤسسة فعالة متناسقة ومنسجمة ومخططة لا يمكن الرد على مهام المرحلة التي يعيشها الحركة ، فاذا لم يٌرسخ التنظيم من القمة على شكل مؤسسة محترفة تأخذ في عملها جميع الامور بعين الاعتبار، سيكون لها إنعكاسات خطيرة على مسيرة النضال. الأعمال والنشاطات التي تجري هنا وهناك يتطلب تجميعها في قنوات رسمية تنظيمية من أجل الوصول إلى مخطط شامل وعام ،وذلك للمضي قدماً في النشاطات نحو الأمام . هذا المركز يتطلب جمع المعلومات من جميع الهيئات التنظيمية بدءاً من القاعدة إلى المنظمات الفوقية من أجل القدرة والإستطاعة على وضع المشاريع المستقبلية . فبدون هذه المعلومات الصحيحة والشاملة ستحدث أخطاء قد تؤثر على وضع الحزب أو التنظيم أو المؤسسة عامة من حيث النجاح أو الإخفاق.

عند النظر إلى واقع الحركة الكردية من حيث هذه التقييمات والمقاييس نجد أن هناك فراغاً كبيراً في هذا المضمار، فالحركة الكردية من الناحية التنظيمية بعيدة عن حقيقة التنظيم المعاصر حيث أن المقاييس التنظيمية ليست سارية المفعول ، فعندما تتضارب المصالح تكون المرجعية هوالشخص وليس الإصول التنظيمية، وهذا ما يخلق الكثير من التناقضات والتأثيرات السلبية على الحركة. حيث يدخل حفنة من الأشخاص مكان التنظيم، وكل ما يصدر عنهم يٌصبح بأسم التنظيم ، دون أن يٌطبقّوا مايقتنعون به، فهذا ما يٌثير الكثير من التساؤلات في عقول الناس يوجهونها الى الحركة الكردية وحتى ينقدونها من الناحية التنظيمية وبأنه لا يوجد تنظيم حقيقي في الواقع، أي أن الكثير من الإمورالتنظيمية والعمل المؤسساتي غير ساري المفعول في الحياة العملية ، ويبقى الشخص هو الذي يقف على المسالة وليس المؤسسة فيتراكم العمل فوق بعضه البعض وتبقى الكثير من القضايا من المنسيات ، ولا يتم البحث عنها إلا عندما يتم مراجعتها من قبل أصحاب العلاقة الذين لهم علاقة مباشرة بتلك القضية، عندها يكون الزمن قد فات والفرصة ضاعت.

العقلية الموجودة لدى الكرد عامة هي عقلية بعيدة عن العمل المؤسساتي. فحتى بوجود الكثير من المؤسسات لا يتم أخذ مرجعية المؤسسة لعدم وجود الثقافة التنظيمية أو وجودها بشكل ضعيف لا يمكن معه الرد على المهام والقضايا المطروحة والتي تعيشها الحركة أو التنظيم ، بل يتم العودة إلى الشخص وعندها يبقى المسؤول هو "الكل" في هذا التنظيم والمؤسسة ، ويٌصبح الآمر والناهي في التنظيم . فإذا أخذنا بعين الإعتبار واقع التنظيمات والمؤسسات الموجودة في الساحة الكردية ، هناك الكثير من التنظيمات والتي تحتوي الكثير من اللجان ، ولكن في الممارسة العملية يظهر الكثير من القضايا ، فمن ناحية الأشخاص الموجودين في تلك اللجنة أو المؤسسة ، بعضهم لا يعملون أو مهملون وليس لديهم وعي المسؤولية في تلك المؤسسة وقد دخلوا فيها نتيجة الفراغ الموجود والحاصل لدى المؤسسة إلى جانب ضعف التجربة التنظيمية الموجودة لديهم ، والبعض الآخر يمتلكون التجربة ولا يمكنهم تفعيل العاملين معهم في المؤسسة أو اللجنة ويتدخلون في كل شاردة وواردة في المسائل العملية والتنظيمية ولا يتركون المبادرة للجنة أو المؤسسة ويبقى كل شيء مرتبط بهم ، وبالتالي فان اللجنة تبقى شكلية بدون فعالية وعمل، ومنها تصبغ جميع الفعاليات بصبغة الفردية. وفي وضع كهذا فان اللجنة أو المؤسسة تعاني من الكثير من المشاكل والقضايا بدءاً من الشكايات الى الحديث من وراء الظهر الى البرودة في العمل والفعاليات وصولاً الى الإشمئزاز والتقزّم والحسد والنميمة ، وبالتالي تصبح اللجنة أو المؤسسة منبع الضعف والاهمال والتراجع من حيث العمل والنضال بدلاً من النشاط والحيوية والإبداع والتطور والتقدم . وهناك جانب آخر وهو أن الكثير من المؤسسات تلعب دوراً سلبياً في عملية تجميد القدرات والطاقات الموجودة لدى الأفراد من حيث الدوغماتية الموجودة وبحجة تسيّير المؤسساتية، وعدم بروز الفردية وهذا ما يجعل الفرد منكمشاً وكأنه لا حول ولا قوة له إلا بالمؤسسة دون إستخدام أية مبادرة فردية حيث يفكر أو يفسر كل عمل يقوم به بأنه من باب "الفردية" وإخلال إصول التنظيم ولذلك يتكاسل رويداً رويداً وتضعف القدرات،وتصل إلى نقطة لا قدرة له في العمل والنشاط دعنا من تطويره.

لذلك فالمرحلة الديمقراطية المعروفة بالعمل المؤسساتي إذا لم يتم تعبئتها بالثقافة المؤسساتية والتي عقلية منطقة الشرق الاوسط بعيدة منها لا يمكن من نجاحها لذلك فالتوعية المعرفية وإستنتاج العبر والدروس من التجارب التاريخية المنصرمة ضرورة لا بد منها وضرورة خلق توازن بين المبادرة الفردية والعمل المؤسساتي لكي لا يطغى جانب على آخر، من أجل أن تتمكن الحركة الكردية من خطو الخطوات الصحيحة والناجحة في طريق نضالها الديمقراطي العادل والشاق! .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق