الثلاثاء، 12 مايو 2009

العمل التنظيمي والسلوك الحزبي

كاتب وباحث (سورية )




مقدمة :
­ يتميز العمل المنظم في أي مستوى اجتماعي أو اقتصادي أو سياسي بأنه عمل مدروس ، ومبرمج ، ومحدد السمات ، والمعطيات ، وواضح الهدف .. ويملك رؤية الخطوات ، والمراحل ، كما يملك الرؤية النقدية التقويمية ، لمساراته ، وسيرورته .
­ مسألة التنظيم في العمل مسألة عقلية ، علمية ، مدروسة لها أرقامها ، ومحدداتها ، ولها أدواتها التنفيذية .. بعد تقديم الرؤية النظرية ، والتصورات التفصيلية في العمل ، ينسحب هذا في تنظيم العمل الاقتصادي في مراحله ، كذلك العمل الإداري ، وتراتبيته ، وأيضاً العمل السياسي ، والحزبي .
­ هذه المقدمة والمعاني السابقة تنسحب على / أهمية المسألة التنظيمية / وسلامتها ، ودقة أدائها ، وأهمية / الوعي التنظيمي / في حياة الأحزاب وأعضائها وتحديداً / كوادرها / والكوادر هي المفاصل الأساسية ، ومرتكزات العمل الحركي الحزبي .. والأحزاب التي لا تملك كادراً قادراً على الفعل والحركة ، والتأثير الاجتماعي ، وبالتالي قيادة قواعدها سيضعف تأثيرها .. ومساحات تواجدها الاجتماعية لصالح القوى الأخرى المنافسة وباتجاهاتها المختلفة .
هذا في العام أما بخصوص / التجربة التنظيمية البعثية / فقد أكد البعث في كل منطلقاته ، وأدبياته ، ونظامه الداخلي على أهمية / المسألة التنظيمية / .
جاء في تعريف الحزب وفق النظام الداخلي : " حزب البعث العرب الاشتراكي هو الطليعة الواعية المنظمة للجماهير العربية الكادحة . المسلحة بنظرية علمية وثورية تحلل الواقع العربي موضوعياً ، وتستشرف قوانين التطور الاجتماعي وترسم إستراتيجيتها ، وأساليب النضال المختلفة ، لتحقيق الأهداف التاريخية لجماهير الأمة العربية في الوحدة ، والحرية ، والاشتراكية " .
هذا النص أساسي في تحليله مثلاً : / الطليعة الواعية / مفهوم الطليعة بالدلالة هي جماعة منظمة .. وهي بدورها / منظمة / للجماهير العربية الكادحة .. فإذا كانت البنية الحزبية هي في موقع / الطليعة / فيجب أن تكون سوية التنظيم متقدمة لديها . المقصود بالسوية التنظيمية ، الثقافة التنظيمية وتطبيقاتها السلوكية الحزبية وانعكاسها .
1- الثقافة التنظيمية : الثقافة التنظيمية هي مبدئياً أدبيات الحزب ، دستور الحزب­ النظام الداخلي­ مقررات المؤتمرات القطرية والقومية ­ بعض المنطلقات النظرية . والثقافة السياسية العامة أيضاً .
­ تعني الثقافة التنظيمية أيضا / التربية التنظيمية / العملية في الممارسة ..
مثال : هناك ثلاث بدهيات تنظيمية في حياة كل الأحزاب هي :
أ- بدهية حضور الاجتماع الحزبي ، والمشاركة فيه ، وفي حواراته ، واغناء ثقافة الحوار داخل الاجتماع ، ومبدأ قبول الرفاق لبعضهم ثم الوضوح ، والدقة في الطرح ، والتحديد ، وسعة الصدر ، والتصويب .
فالاجتماع الحزبي ملتقى ­ فكري ، وتنظيمي ، واجتماعي ، وتعارفي ، وتواصلي .. لا حياة لأحزاب ، أو جمعيات ، أو دعوات ، أو نواد دون اجتماع ولقاء .. الطبيعة الإنسانية في اللقاء ، والحالة الجمعية في اللقاء ، والبعد الثقافي وتبادله في اللقاء ، الخ ما يحمله الاجتماع الحزبي من معان وأبعاد .
لذلك يعتبر الاجتماع الحزبي مدرسة أٍسبوعية ، أو نصف شهرية ، أو شهرية .. يجب الحرص على حضورها ، والمشاركة فيها ، وإحياؤها ، وتطويرها ..
أ- كيف يمكن تطوير الاجتماع الحزبي : المسألة تتعلق بقيادة الاجتماع على صعيد الحلقة ، فالدور لأمين الحلقة ، ونائب أمين الحلقة .. على صعيد الحلقة ، والدور لأمين الفرقة ، وقيادة الفرقة ، على صعيد الفرقة ، والدور لأمين الشعبة ، ولقيادة الشعبة .. على صعيد الشعبة وهكذا . أداء القيادات القاعدية للاجتماعات يحتاج التطوير نظراً لصلتها المباشرة بالقاعدة الحزبية وتواصلها معها ، من هنا يأتي دور / اصطفاء القيادات / سواء في عملية التكليف السابقة للقيادات أو العملية الانتخابية ويرجع للقاعدة الحزبية ، ووعيها التنظيمي الدور في انتخاب القيادات التي تملك ما يسمى / مستوى الكادر / وقدرة القيادة ، ودينامية الحركة ، والفعل ، والحوار ، والتواجد ، والتواصل ، والمتابعة وغيرها من مستلزمات العمل الحزبي ، والجماهيري .
ب- بدهية تسديد الاشتراكات : يحتاج العمل الحزبي للمال لتجهيز المقرات ، وبنائها ، وتأمين المطبوعات ، والوقود ، وحركة الآليات ، والتدفئة ، والمناسبات الوطنية ، واحتفالاتها وغير ذلك .. لذلك فإن تسديد الاشتراكات هو شكل متقدم في الالتزام ، والوعي التنظيمي ، والممارسة ، وتأمين مستلزمات العمل الحزبي وغير ذلك .
جـ- تنفيذ المهام : وهو المسألة الأهم في الحياة التنظيمية الحزبية ، والمهام مختلفة ومتنوعة تبعاً لموقع المسؤولية الحزبية للرفيق ، والدور المطلوب منه فهناك مهام فكرية ثقافية ، وتنظيمية حزبية ، وسياسية ، واجتماعية ، وخدمية ، ومساهمات عملية في التنمية الخ .
- المهام تحددها القيادات .. وتضع لها خططها : بعضها سنوي ، بعضها شهري ، وبعضها أسبوعي ، وبعضها يومي ، وبعضها طارئ يقتضيه ظرف ما .
- يتوقف حسن تنفيذ المهمة على قدرة واستيعاب الرفيق المكلف بتنفيذها ، كذلك وضوحها ، ومراحلها .. وخطة تنفيذها ، وإرادة ورغبة التنفيذ .
- ماذا تعني المهام الحزبية : تعني عندما تنفذ بدقة .. إيمان الرفيق بالعمل الحزبي ، وهي تنمي قدرته على المساهمة في الحياة الحزبية ، وتزيد ارتباطه بالمؤسسة الحزبية وترفع لديه حس الشعور بالمسؤولية ، والارتقاء بهذا الشعور .
- تنفيذ المهمة يزيد ويغني التجربة ، والحياة الحزبية ، لذلك يجب أن يكون هناك مهمة لكل رفيق والمهام كثيرة .
- مهمة تثقيف الرفيق لنفسه التثقيف الذاتي وهو هام وضروري .
- أمانة الحلقة الحزبية وإعدادها وهي من المهام التنظيمية الهامة ، ويكلف بها القادرون .
- التنسيب الحزبي .. وهي مهمة هامة ولها طريقتها وأسلوبها وتواصلها .
- المشاركة في المناسبات الاجتماعية ، والتواصل مع الفعاليات ، والأنشطة الثقافية ومع الجماهير في الأحياء ، والأوساط الشعبية ، وغيرها .
- المشاركة في أعمال العمل الشعبي .
- المشاركة في أنشطة المعسكرات والمخيمات .
- المشاركة في النوادي الرياضية والاجتماعية .
- مراقبة الأسعار والاحتكار ، وإبلاغ الجهات الوصائية بذلك .
المشاركة للفلاحين في جني المواسم ، وللعمال في أعمال إضافية وتطوعية وغير ذلك .
- الحوار مع القوى والأفراد من اتجاهات سياسية مختلفة لشرح وجهة نظر الحزب ، والقطر ، والسياسة العامة .. إلى العديد من المهام وفي مجالات مختلفة ومتجددة .
2- في مسألة / السلوكية الحزبية / وانعكاسها على الواقع التنظيمي في الحزب :
الحياة دون قيم لا تعاش ، والإنسان ولد لأداء رسالة فيها ..
قيم الحياة كثيرة منها : الصدق ، والوفاء ، والوضوح ، والأمانة ، واحترام الآخر ، والقيام بالواجب ، وممارسة المسؤولية الإدارية بالشكل المطلوب .. الخ.
لا تنفصل قيم الحياة العامة ، والاجتماعية السابقة عن الكثير من القيم الحزبية، فالمصداقية مسألة عامة وتنسحب على العمل الحزبي ، والإداري وكذلك سائر القيم الأخرى .
- إن أية ممارسة خاطئة من قبل الرفيق وفي أي حيز إداري ، واجتماعي تنعكس سلباً على نظرة المواطن للحزب والمؤسسة الحزبية ، وبالمقابل إن كل سلوك إيجابي من قبل الرفيق ينعكس إيجاباً على صورة المؤسسة في أذهان الجماهير .
- ( السلوكية الحزبية تعني الممارسـة الموضوعية المستمدة من فكرة الحزب ، ونظريته التنظيمية التي تجعل من / الحزبيين / قدوة للآخرين ، ومثلاً يحتذى بــــه ) .
- مصادر استلهام السلوكية الحزبية : تستلهم السلوكية الحزبية من أدبيات الحزب وكتاباته ، ومقررات مؤتمراته ، وخطب القائد الخالد حافظ الأسد ، وكلمات وتوجيهات القائد د. بشار الأسد الأمين القطري للحزب .
- من بعض عناوين هذه السلوكية الهامة :
- الحفاظ على وحدة الحزب الفكرية ، والتنظيمية ، ووحدة الرأي ، والموقف ، والانسجام ، والأخلاقية الحزبية .
- وعي مبادئ الحزب وأهدافه ، وتنمية الوعي الفكري والتنظيمي .
- الحفاظ على المنظمة الحزبية ، وصفاتها ، وتفعيل دورها بين الجماهير .
- الالتزام بأحكام النظام الداخلي ، وتعليمات القيادة وتوجيهاتها .
- على مستوى الحياة الداخلية في الحزب :
- سلامة النقد ، والنقد الذاتي ، والمساهمة في الإشارة للتقصير ومواقعه ومكافأة المجد والمنتج .. والبعد عن التشكيك والتجريح ، والتضليل ، والإشاعات.. وممارسة النقد بقصد التصويب .
- يرافق ممارسة النقد نوع من الانضباط ، والإحساس بالمسؤولية .. الانضباط الذاتي النابع من الوعي والإرادة .. والبعيد عن الإكراه والقسر .
- يجب أن يكون سلوك الرفاق عامل جذب للجماهير ، وليس عامل تنفير وإبعاد لها .
- هذه المعاني في السلوك الحزبي تمارس على مستوى الحزب ، والمنظمات وعلى مستوى ممارسة السلطة الإدارية ، والتنفيذية أيضاً .. من هنا تأتي أهمية التدقيق في إسناد المهام الإدارية ، والسلطوية لذوي الكفاءات ، والسير النظيفة ، والممارسة الصحيحة على مبدأ ( الرجل المناسب في المكان المناسب ) لأن المسؤول الإداري إن لم يكن على مستوى المسؤولية سينعكس ذلك إدارياً ، وجماهيرياً وبالتالي حزبياً .
- المواقع الإدارية ، والسلطوية هي المحك الفعلي لوعي المسؤولية ، والمصداقية السلوكية .. وهنا يدخل عامل تطوير الإدارة ، وممارستها ، ورقابتها ودور الحزب هو الإشراف ، والتوجيه ، والتواصل مع الجماهير .
- نؤكد على سلامة سلوك الرفاق ، وأن يكونوا ( الأنموذج ) والقدوة والمثل أمام الجماهير لأن الناس ترى في البعثي / الحزب كله / ولا تنظر إليه كفرد إذا أخطأ .
- إن السلوكية الحزبية جزء هام من وسائل الارتقاء بالعمل التنظيمي وتطويره وتكامله مع العمل الإداري ، وعمل المنظمات ، والجهات الأخرى .
3- كيف نعالج الظواهر السلبية في حياتنا الحزبية :
يكثر الحديث في المجالس ، وفي الاجتماعات عن فساد هنا وهناك ، وعن سوء إدارة ، أو محسوبية أو رشوة ، أو اختلاس ، أو تعد على أملاك عامة ، أو سوء تنفيذ خدمات ومشروعات وغير ذلك ، وتبقى الأحاديث بحدود العموميات ، والإشاعات .. فيسري نوع من الإحباط ، واليأس ، وبالتدريج ينمو نوع من / العجز الذاتي / واللامبالاة والسلبية ، بدل التنامي ، والفاعلية والإيجابية وهذا ينعكس على مجمل الفعل الحزبي ونموه وحركته .
­ الواقع ليس بالمشهدية الوردية النقية الصافية ، لكنه ليس بالمشهدية الرمادية الخالصة . وفي الخطاب الحزبي للناس ، وداخل الحزب ليس مطلوباً تجميل السلبيات والدفاع عنها .. لكن علينا عدم إغفال الإيجابيات والدفاع عنها ، وحمايتها وتعزيزها فهناك تحولات كبيرة شهدها ، ويشهدها قطرنا على صعيد البنية الطرقية ، والصحية ، والمياه ، والكهرباء ، والتعليم ومجانية التعليم ودعم السلع الهامة من الرغيف إلى الكثير من المواد ، وهناك موقع سورية الوطني ، والقومي ، وتأثيرها الإقليمي ، وثوابتها في القضايا المفصلية ، والهامة . بالإضافة لما يشهده قطرنا من وحدة وطنية ، وتعايش ، وتعدد ، واحترام ، وأمن واستقرار في وقت يزداد الاهتزاز العالمي والإقليمي ، هذه قضايا يجب الإشارة إليها ، والتأسيس عليها ، والبناء على إيجابياتها وتطويرها ، وتوسيع مساحتها ، وتعزيزها .
­ أما الظواهر السلبية الأخرى ، والتي هي بالغالب عامة وتصيب غالب أحزاب العالم ، خصوصاً أحزاب بلدان / العالم الثالث / لأسباب تتعلق بالبنى الاجتماعية ، وقضايا التخلف ، والوعي السياسي ، والإداري ، وضعف المراقبة ، والمساءلة ، وسلم العلاقات القائمة باعتبارات كثيرة من قرابة ، وجوار ، وفائدة ، ومصلحة وغير ذلك ، وغلبة التقليد الاجتماعي في التعامل ، وعدم فصله عن التعامل بالشأن العام والإداري ، وضعف ثقافة المسؤولية ، هذا في العام .. لكن في الخاص الوطني أقول : إن قواعد البعث العربي الاشتراكي وقياداته خرجت من فئات تنتمي إلى الطبقات الفقيرة ، والمتوسطة أحياناً .. وأنها بغالب خاماتها هي طيبة ، وصادقة ، ووفية، لكنها تحتاج إلى مزيد من ثقافة / الوعي التنظيمي ومستلزماته العملية / في أشكال الممارسة الحزبية ، وارتقائها . وأن الذين أخطؤوا ، أو استفادوا من خلال موقعهم لا يشكلون نسبة 1­2 % على الأكثر من مجموع جهازنا الحزبي ، هيأت لهم ظروف استلامهم مهام إدارية ، وسلطوية ، ومالية ، وضعف حصانتهم ، ومناعتهم ، فانحدروا بمستوى أو بآخر ، ولم يكونوا النماذج البعثية المطلوبة القادرة ، والفاعلة والمؤدية لدورها .. ولقد سقط الكثيرون من هؤلاء ، وبعضهم نال جزاءه ، ولا يعوض ما حصل كرامته ، وسمعته ، وصورته بين رفاقه ، والناس .. لأن الحياة كما قلت في البداية ليست نفعاً فقط ، بل هي / دور وقيم / ومحبة ، وبناء وطني يساهم فيه الجميع ، كي يبقى هذا الوطن معافى بعدنا لأبنائنا ولأحفادنا يجدون فيه حياتهم ، وما بناه آباؤهم وأجدادهم .
- أما معالجة الظواهر السلبية في حياتنا فهي عملية متكاملة ودائرة تأخذ شكلها الاستداري عندما تشد جميع أقواسها.
- إن مواجهة ما هو موجود من ترهل بمستو أو بآخر يحتاج المراجعة والوقوف ، وطرح الأسئلة الهامة ، والإجابة عنها ومنها :
- هل يؤدي الاجتماع الحزبي دوره التربوي ، والتثقيفي ، والحزبي ، وإنتاج علاقات رفاقية يرتقي فيها حس المسؤولية وممارستها .
- هل تؤدي جميع الشعب الحزبية ، والفرق الحزبية ، والحلقات الحزبية ، والمنظمات الشعبية ، والنقابات المهنية دورها في التأثير في الحياة العامة ، والإدارية ومراقبتها ، وتطويرها ، وتصويبها ، مثال ( تقصير في جهة ما هل يشير إليه رفاقنا ؟ وإذا أشاروا هل تتابع الإشارة في المستويات الإدارية ؟ والرقابية المطلوبة . هل هناك دقة في التوصيف ؟ وتوصيل الصور ، وموضوعيتها ، وأولويتها الخ ).
v التباين قائم في الفعالية والأداء بين مستوى حزبي ، وآخر ، وبين منطقة وأخرى ، وبعض الأداء / رسمي و روتيني / وقد يقتصر على البريد والمراسلات ، وبعض الأرقام والإحصاءات .. ولا يأخذ بعده الاجتماعي ، ومساحاته المطلوبة .. والكثير من الأداء في القيادات القاعدية هو فردي يقوم به أمين الفرقة ، ومشاركة الكادر الحزبي الآخر غائبة ، وغير فاعلة .
- إن تطوير العمل القاعدي الحزبي من الفرق صعوداً إلى المستويات الأخرى .. عبر دينامية متناغمة وخطط ، ومتابعات ، ومشاركة المعنيين بالإدارة يساعد على تفعيل التكاملية في العمل والنهوض به .
إن ضعف الاستجابة من قبل الكثير من الإدارات لطروحات القواعد ، وعدم اعتمادها اعتماداً يشعر المؤسسات بدورها ، يضعف تأثير هذه القيادات ودورها في قواعدها وجماهيرها . مثال ( عندما تطرح قضية خدمية في قطاع عمل فرقة معينة ، هي محقة ومشروعة وضمن برنامج ، ويقدم جواب من الجهة الإدارية / كأن يكون إصلاح طريق / أو غيره ولا يحصل ذلك والأمثلة كثيرة هنا : تضعف المصداقية ، ويتدنى الدور تدريجياً ، ويحصل الزهد والترهل من جدوى الاجتماعات ، والطروح وغيرها .. مع أنه في المبدأ يجب أن تبقى المتابعة والإصرار قائمين / والانتماء التقدمي دائماً متفائل وإلى الأمام / .
- علينا جميعاً بجرأة وصراحة أن نحدد الأساسي والجوهري في التقصير وأسبابه حزبياً أو إدارياً ، وتحديد الأشياء تحديداً موضوعياً ، وواضحاً ، ومحاربة كل أشكال الحماية ، لموقع أو آخر إلا على قاعدة / العمل والإنتاج / ومعاييرها .. هناك ثلاثية هامة في حياتنا الحزبية هي ( وعي المهمة ، ووعي المراقبة ، ووعي المحاسبة ) .
- إن ترسيخ ثقافة / المصلحة العامة / وعدم التهاون في تطبيق مستلزماتها ، والحرص على استمرارها ، ومراقبتها في الأداء الإداري ، والحزبي وغيره هو عنوان كبير في البناء والسلوك الحزبي والتنظيمي .
- إن محاربة مظاهر الانتهاز ، ومحاولات الصيد ، والتسلق ، وهي أنماط سلوكية شائعة ، تؤثر على المسارات الحزبية والإدارية وتضعفها ، وهذا يكون بتفعيل تنمية عقلية / العمل المؤسساتي / ونهجه ، ومرتكزاته ، وثقافته ( والمؤسساتية ضرورة لابد منها لترشيد ، وتحسين الأداء في مختلف النشاط البشري الاجتماعي والاقتصادي والسياسي ، والثقافي ) .
- أما / ثقافة المؤسسة / فتقوم على مجموعة من المفاهيم ، والقيم ، والاتجاهات ، والحقوق ، والواجبات يتعامل بها العاملون في مؤسسة محددة بما يشكل منظومة معيارية يسترشد بها العاملون فتحدد قواعد ، وأنماط سلوكهم الوظيفي ، وترسم وسائل تعاملهم في البيئة الداخلية للمؤسسة ومع المتعاملين معها من المواطنين ) .
- من عناصر ثقافة المؤسسة : أنها منظومة حية ، ومستمرة ، وقابلة للاستفادة من تجارب أحزاب أو إدارات دول ، ( والثقافة المؤسساتية هي : عملية تربوية .. والمعايير المؤسساتية هي أدوات ضبط ، وتوجيه ، وترشيد للسلوك الاقتصادي ، والسياسي والإداري الحديث والمعاصر .. وهي استجابة عقلانية ضرورية لارتقاء الأداء السياسي والإداري والاقتصادي ) ، وإلا بقيت المعايير القديمة والعلاقات والسائد الاجتماعي فيها هو القائم ، ولن ينتج أنماطاً متقدمة في تطوير بنية العمل الحزبي ، والإداري وغيره .
- إن تفحص البنية الحزبية ومراجعتها ، واعتماد الاصطفاء في التنسيب ، والتربية الثقافية الحزبية للمنسبين ، وتفعيل الاجتماعات الحزبية ، وزيادة التواصل مع الجماهير وتحسين الأداء الإداري ، ومكافحة الفساد ، والكثير غيرها هي عوامل تكامل في سلم البناء الوطني .
4- خاتمة :
إن الشوط الذي قطعه الحزب في بنيته التنظيمية ، وانتشاره ، وتواجده ، ودوره ، هو هام ، وما يؤديه الكثير من رفاقنا من دور إيجابي في الحياة الاجتماعية والسياسية والوطنية هو إيجابي أيضاً ، يحتاج مزيداً من المراجعة ، والتطوير ، والارتقاء .
خيارنا أن ينمو البعث العربي الاشتراكي . فهو مشروعنا الوطني ، والقومي والذي ثبت وبقي رغم حجم التحديات ، وانهيار المنظومة الاشتراكية ، والكثير من أحزاب العالم ، وهذا دليل أصالته ، وسلامة هويته ، وانتمائه للمشروع الوطني والقومي وللطبيعة الاجتماعية في وطننا ، وحاجاتها .. وبناء الحزب واجب وطني بقدر ما هو واجب حزبي .
إن توسيع مساحات الحوار داخل الحزب وهي قائمة ، والتشخيص الدقيق لمواطن الضعف وتحديدها يساعد في حلها . وهذا يحتاج همم كل البعثيين ، قيادات وقواعد وإيمانهم وصدقهم مع أنفسهم ، ومع الجماهير لمزيد من النهوض الحزبي ، والوطني ، كي تبقى سورية وطن الحضارة ، والمحبة ، والصمود ، والبناء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق