السبت، 18 أبريل 2009

كود البناء السعودي... بين الإنجاز والتحدي

بعد طول ترقب، توجت الجهود الحثيثة التي قامت بها اللجنة الوطنية لكود البناء السعودي بإصدار مجلس الوزراء في 12/3/1430هـ قراراً بالموافقة على البدء في تطبيق كود البناء السعودي بصفة تجريبية لمدة سنتين وتوزيعه على الجهات ذات العلاقة من القطاعين العام والخاص وللتعريف فإن كود البناء السعودي هو مجموعة القوانين والأنظمة الإدارية والفنية المتعلقة بالبناء والمبنية على القواعد العلمية والهندسية وذلك لضمان الحد المقبول من السلامة والأمن والصحة العامة.


ولقد شارك في هذه الجهود قطاعات مدنية وعسكرية وأكاديمية وحكومية وشركات كبرى ومؤسسات ومكاتب استشارية ومقاولين ومندوبي أجهزة حكومية ولقد كان لي الشرف بوضع بعض لبناتها الأساسية بمعية أخوة أعزاء من مختلف القطاعات منذ عشرين عاماً مضت وبالتحديد منذ 1409هـ بالمشاركة في بعض اللجان وفرق العمل المتخصصة برعاية الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس حينذاك لمناقشة أهمية وضع كود بناء سعودي موحد يراعي الظروف الطبيعية والبيئية والاجتماعية للمملكة ويوحد أسس التصميم والتنفيذ الواجب إتباعها في مختلف الجوانب المتعلقة بالبناء والتشييد بالإضافة إلى سن الأنظمة الإدارية التي تلزم الجهات العامة والخاصة بتطبيق متطلباته بما يحقق الأمن والسلامة والصحة العامة للأفراد والمنشئات ويكون مرجعاً للمختصين وحكماً بين المتنازعين.


ولقد كان من أهم التحديات التي واجهت المختصين والمهتمين في إبراز هذا الكود هو بحث آلية التطبيق والجوانب الإدارية والقانونية تجاهه حيث تم وضع أسس وإجراءات كفيلة بالتطبيق بمشاركة قطاعات مختلفة وذات خبرات وممارسات عملية وتطبيقية مما يدعونا للأمل بالتطبيق السلس خلال الفترة التجريبية إن شاء الله...


إلا أن التحدي الأكبر الواقع على عاتق الجهات التنظيمية والمطبقة للكود هو جانب التدريب والتأهيل للعاملين في الأجهزة الحكومية المعنية بالتطبيق ومنسوبي المكاتب الاستشارية والهندسية التي تقوم بالتصميم والأشراف على البناء، ومقاولي البناء، والجهات الرقابية والقضائية... ويجب أن تهدف برامج التدريب والتأهيل إلى تعميق ثقافة الكود في مجتمع البناء والتعريف بالجوانب التنظيمية والتطبيقية بالإضافة إلى الجوانب الفنية... ويستدعي ذلك التنسيق مع الجامعات والمعاهد الفنية لإدخال كود البناء السعودي ضمن البرامج الأكاديمية، واستحداث برامج متخصصة في التفتيش ومراجعة المخططات، واعتماد أهلية المفتشين ومراجعي المخططات والمتخصصين في مختلف جوانب البناء والتشييد وخصوصاً في المجالات التخصصية كاللحام وأعمال الحديد والمصاعد الكهربائية وأعمال جسور الطرق وخلافه....


والتحدي الآخر هو تكييف البيئة الإدارية، وتطويع الثقافة التنظيمية القائمة في إدارات البلديات والأمانات مع الكود تمهيداً لتطبيقه إذ لا تستوعب الهياكل التنظيمية الحالية للبلديات طريقة عمل وتطبيق الكود.... وللهيئة الملكية للجبيل وينبع تجربة معاشة في هذا المجال حيث تبنت كود البناء العالمي الموحد (UBC) آنذاك في عام 1406هـ وسعت إلى التعاقد مع مكاتب استشارية ذي خبرات عالمية لتنظيم ووضع سياسات وإجراءات البناء لمدينتي الجبيل وينبع وإلى استحداث وثيقة تسمى بإدارة لوائح البناء تعني بالإجراءات التطبيقية والعمليات الإدارية والتشغيلية التي تحكم تطبيق الكود بما فيها تطبيق المسميات التنظيمية المعتمدة في الكود في مختلف مراحل التصميم والإنشاء... وما نراه اليوم من حسن تنظيم وإدارة، وإنشاءات متينة في أحد أكبر المشروعات الهندسية في العالم كالجبيل أو ينبع لدليل على نجاح تلك الممارسة وثراء تلك التجربة والتي ينبغي أن لا تهمل. ومن المؤمل أن تباشر الإدارة المستحدثة في وزارة الشـؤون البلدية والقروية لإدارة شـؤون تطبيقات الكود هذا الدور وأن تقوم بالإشراف على صياغة وتنفيذ البرامج التأهيلية والتدريبية للعاملين في البلديات والمكاتب الهندسية، وإعداد الأدلة الإرشادية المبسطة عن استعمالات وتطبيقات الكود بالإضافة إلى تهيئة البيئة الإدارية في البلديات المحلية لهذا الغرض عبر وضع الهياكل التنظيمية والوصوفات الوظيفية والمهام التفصيلية لأجهزة تطبيق الكود، وسن السياسات الخاصة بمراقبة وتنظيم التصاميم وإصدار رخص البناء ونظام مراقبة المباني وإجراءات التفتيش والاعتمادات المهنية، ووضع نظم للتوثيق بالإضافة إلى إعداد أنظمة الكترونية ميسرة لاستقبال ومتابعة إجراءات المراجعة والتفتيش والاعتماد عبر نظم مراكز الخدمة الشاملة (one stop shop).


ويحذونا الأمل بأن الجهد المبذول على مدى عشرين عاماً سوف يكلل بالنجاح بما يكفل تحقيق الأهداف المرجوة ورفع جودة أعمال البناء والتشييد والحفاظ على متانة الاقتصاد من خلال ضمان سلامة المنشئات وقاطنيها من الأخطار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق