السبت، 18 أبريل 2009

التطوير التنظيمي

خلال العقدين الماضيين برز مفهوم التطوير التنظيمي" Organizational Development" كإطار للتغيير المخطط لمساعدة التنظيمات على التكيف والتهيؤ للتغيرات في البيئة المحيطة. ويعد التطوير التنظيمي مدخلاً لتشخيص المشكلات الإدارية مستنداً للمعرفة بالعلوم السلوكية. وقد عرف (1969:9) Backhard التطوير التنظيمي بأنة " جهد مخطط يشمل التنظيم بأكمله ويدار ويدعم بواسطة الإدارة العليا لزيادة افعالية المنظمة من خلال تدخل مخطط في عمليات المنظمة بأستخدام المعرفة بالعلوم السلوكية". وقد حدد Backhard من خلال هذا التعريف، أربع عناصر أساسية للتطوير التنظيمي:

1. التطوير التنظيمي عملية مخططة، طويلة الأجل للتغيير على مستوى المنظمة ككل. ويتضمن برنامج التطوير التنظيمي تشخيص علمي دقيق للمنظمة ووضع الأهداف والاستراتيجيات لتطويرها، وتوفير الإمكانيات المادية والبشرية لتحقيق ذلك الهدف.

2. تشمل أنشطة التطوير التنظيمي جميع أجزاء التنظيم الرسمي وغير الرسمي ( كتغيير الثقافة التنظيمية، والهياكل التنظيمية، ونظام المكأفاة، والأهداف والإجراءات ).

3. تتم إدارة ودعم التطوير التنظيمي من قبل الإدارة العليا بالاستعانة بمستشارين من داخل المنظمة أو خارجها.

4. يهدف التطوير التنظيمي لزيادة فعالية المنظمة بحيث يكون لديها القدرة على التكيف والتهيؤ للتعامل مع التغيرات في البيئة المحيطة.

ثانياًً: مداخل التغيير في برنامج التطوير الإداري

يرى ( 1416 هـ) الطجم أن هناك ثلاث مداخل لبرنامج التطوير التنظيمي وهى:
1. مدخل التغيير للهيكل التنظيمي: ويقصد بالهيكل التنظيمي الإطار الذي يربط عناصر التنظيم المختلفة ببعضها البعض. وتتركز عملية التغيير في هذا المدخل على إعادة توزيع السلطات والاختصاصات وتجميع الوظائف وإعادة تصميم خطوط الاتصالات. وتشمل عملية التغيير كذلك إلغاء وحدات تنظيمية كانت قائمة واستحداث وحدات تنظيمية جديدة.

2. مدخل التغيير للجوانب التكنولوجية: يهتم هذا المدخل بالجانب التقني كالآلات والمعدات أو المهام وأساليب العمل. وتشكل التكنولوجيا أحد المصادر الهامة المؤثرة على عمل أي تنظيم وذلك من خلال لسرعة تطوراتها وتطبيقاتها.

3. مدخل التغيير للجوانب السلوكية: ويهتم المدخل السلوكي بتغيير أنماط السلوك واتجاهات وقيم الأفراد والجماعات داخل التنظيم. وللمدخل السلوكي دور مؤثر في تطوير المنظمات من خلال ( الطجم ):

I. تطوير الفرد وتغيير مستوى دوافعه وقدراته.
II. تطوير العلاقات بيت الأفراد وزيادة قدراتهم ومهارتهم القيادية.
III. تطوير العمل الجماعي.
IV. تطوير التفاعل بين المجموعات.

ثالثاً: مراحل التطوير التنظيمي

تعتبر عملية التطوير التنظيمي جهد منظم وعملية مستمرة بدلاً أن تكون برنامجاً محدداً بمدة زمنية محددة، لذا كان لا بد أن يمر برنامج التطوير التنظيمي بمراحل تدريجية لتحقيق الأهداف التي صمم من أجلها. وقد تعرض العديد من الباحثين والممارسين لحقل التطوير التنظيمي إلى وصف وتحليل المراحل المختلفة. فقد ميزLawrence and Lorsch (1969) أربع مراحل لبرنامج التطوير التنظيمي وهى:

1. مرحلة التشخيص. ويتم خلال هزة المرحلة التعرف على الاختلافات بين النتائج الفعلية والنتائج المرغوبة.

2. مرحلة التخطيط. ويتم فيها رسم خطط التطوير والتغيير المأمول تحقيقها وتحديد الآليات والاستراتيجيات الملائمة لتحيق الهداف.

3. مرحلة التنفيذ. وتتضمن ترجمة وتحويل الخطة إلى سلوك فعلى في مدة زمنية محددة.

4. مرحلة التقويم. وهدفه مقارنة الأهداف الموضوعة بالنتائج الفعلية التي تم تحقيقها وتشخيص أسباب ومصادر الانحراف.

هل تعتقد أن المنشآة التى تعمل بها بحاجة لبرنامج للتطوير التنظيمى؟

انطلاقاً من أن الحقيقة الثابتة في هذا الكون هي حقيقة التغيير، ترى أن المنظمات تتغير تلقائياً أو تخطيطياً. الإنسان يتغير من الطفولة إلى الصبا إلى الشباب إلى الشيخوخة إلى الكهولة. والزمان يتغير بين الليل والنهار، والطقس يتغير من الربيع إلى الصيف إلى الخريف إلى الشتاء. وكل له مظاهر ينبغي أن يتهيأ الإنسان والحيوان لها. يتكيف للتغيير أو يوظف التغيير لمصالحه وحاجاته. ولعل نظرية الحاجات الآنية والمستقبلية هي العنصر الحاسم في مواجهة الإنسان للتغيير في ضوء تجارب الماضي وأبحاث الحاضر وتوقعات المستقبل. وما كان الإنسان هو أيضاً إلا أحد العناصر الفاعلة في كيان المنظمة واكتشاف احتمالات التغيير والتغير فيها من اعتبارات النمو والبقاء. وصراع هذا النمو والبقاء ففي ضوء الموارد والإمكانات والإحتياجات واعتبارات المنافسة وتعظيم الربح وتقليص الخسارة، فإنه لابد ممن التحسب بوعي متكامل لعملية وسلوكيات التطوير التنظيمي في مراحله الأساسية وهي:
· الدراسة التشخيصية.
· وضع خطة التطوير.
· التهيئة لقبول التطوير ورعايته.
· المتابعة التصحيحية.

ونورد فيما يلي لمحات أساسية عن طبيعة كل مرحلة والأخذ بأسبابها ومقوماتها وصولاً إلى النتائج المأمولة منها.


أولاً: الدراسة التشخيصية:
تنطلق عملية التطوير التنظيمي من ثلاثة محاور هي:
الإنسان.
نظم العمل.
معدات وتسهيلات العمل.

ومن ثم فإن الدراسة التشخيصية التي تهدف إلى التطوير التنظيمي لابد أن تتعرف على هذه المحاور الثلاثة لإكتشاف فرص التطوير ومواجهة التغييرات وإحداث التغيير المطلوب. أول هذه المحاور بطبيعة الحال هو الإنسان. واكتشاف فرص التطوير في هذا المحور ترتبط بالمحاور الأخرى، إلا أن هذا لا يبقي تشخيص كل محور على حدة وتشخيص المحاور الثلاثة مجتمعة ومرتبطة.

عملية تشخيص المحور الخاص بالإنسان يبدأ بطرح الأسئلة التالية:
· ما هي الأدوار والمسؤوليات التي يمارسها عضو المنظمة؟
· ما هو ارتباط هذه الأدوار والمسؤوليات بالغير؟
· ما هي طبيعة اشتراك الغير في دور ومسؤوليات الفرد؟
· ما هو الموقع التنظيمي بالنسبة للفرد؟
· ما هو موقع الوحدة التنظيمية بالنسبة للتنظيم العام للمنظمة؟
· ما هي المعدات والتسهيلات التي يتطلبها القيام بالعمل ونوع هذه التسهيلات، نظم وإجراءات Softwareومعدات صلبة Hardware
· ما هي المشاكل المعوقات التي تعترض العمل: معوقات بشرية، ومعوقات نظم وإجراءات، أو معوقات تسهيلات ومعدات؟


ثانياً: وضع خطة التطوير:
تمر عملية وضع خطة التطوير بمرحلتين:
1- اكتشاف فرصة التطوير.
2- وضع خطة التطوير في ضوء الأهداف والإمكانيات المتاحة.

ويكون ذلك أيضاً بطرح مجموعة من الأسئلة والإجابة عليها، هذه الأسئلة تدور حول الأبعاد الآتية:
· ما هي الأهداف المعلنة للمنظمة؟
· ما هي فرصة التطوير المتاحة العاجل منها والآجل، الممكن منها وغير الممكن؟
· التكلفة المادية، الزمن المتاح، المكان المتاح، التسهيلات المادية المتاحة وغير المتاحة، النظم والتنظيمات التي تحتاج إلى تعديل ونطاق الزمن المسموح به.
هذه الأسئلة تتناول استكشاف فرص التطوير أما وضع خطة التطوير ذاتها فيتطلب أيضاً تحديد مكونات الخطة: أفراد، معدات وتسهيلات، نظم وتنظيمات، تكلفة، فترة زمنية، أساليب المراجعة وفقاً لتوقيت الخطة. ككل هذا على أساس مبادئ خمسة لا ينبغي تجاوزها وهي:
· أن تكون الخطة محددة ومكتوبة ومعلنة وقابلة للمراجعة.
· أن تكون الخطة قابلة للتحقيق في حدود التكاليف والإمكانيات المتاحة.
· أن تكون الخطة متماسكة ومترابطة ومتجانسة وتؤدي إلى تحقيق الهدف منها.
· أن تكون الخطة قابلة للقياس في ضوء وحدة إنتاج محددة مقارنة بوحدة تكلفة محددة × كمية إنتاج محددة ونوعية محددة أيضاً.
· أن تكون ذات مساحة زمنية محددة.


ثالثاً: التهيئة لقبول التطوير ورعايته:
توضع الخطط لتقبل التنفيذ، هذه فرضية صحيحة. وتواجه الخطط عند التنفيذ مقاومة معلنة أو مكتوبة، هذه فرضية صحيحة فالإنسان يقاوم التغيير بطبعه وإن كان يتوقعه.
هذه حقيقة أن عملية وضع الخطط لابد أن تضع في اعتبارها التهيئة لهذه الخطة لضمان التنفيذ السليم، ولعل خطط التطوير التنظيمي أولى بذلك من غيرها لأن الإنسان هو أحد الأركان الأساسية في عمليات التطوير التنظيمي.

إن التغيير عملية لا يمكن تلافيها ومع ذلك فإن معظم الناس يجدوا أن التغيير عملية مزعجة. بعض الناس تخشى من التغيير لأنه قد يضر بمصالحها أو أنه لا يعني بالضرورة أنه سيؤدي إلى الشيء الأفضل. هذا من وجهة نظر بعض الناس، أما من حيث السلوك العام للمنظمة فإن الطابع العام للمنظمة هو الميل إلى الروتين والتعقيد الجامد لأن التغيير عادة يأتي معه المزيد من الجهد والحاجة إلى ممارسة العملية الإبتكارية والتجديد وهذا يعني أيضاً المزيد من الجهد ومع ذلك فإن مقاومة التغيير الذي تأتي به خطط التطوير التنظيمي ليس سيئاً بل قد يكون عند الوعي به ومعالجته شيئاً جيداً.

إن الإنصات إلى شكاوى وهموم المقاومة يؤدي إلى تصحيح الفهم ويؤدي بالتالي إلى الفعل الصحيح والنتيجة الصحيحة كما أن إبراز المشاكل بمعرفة عناصر المقاومة يؤدي إلى معالجتها قبل وقوعها واستفحالها وهذا يؤدي بالتالي إلى تحقيق أهداف خطط التطوير التنظيمي.

وفي ضوء ما تقدم فإن عملية التهيئة لتنفيذ خطط التطوير التنظيمي ورعايته ينبغي أن تقوم على القواعد الأساسية التالية:
· التنوير بحكمة التغيير:
لا شك أن العنصر الفعال في عملية التطوير التنظيمي هو مصلحة العمل وهو نقطة الإلتقاء بين العامل والمؤسسة أو المنظمة.
العامل يريد للمنظمة البقاء والنمو، والمنظمة تريد من العامل الولاء والإلتزام بمصلحة العمل.
لابد أن يكون ذلك واضحاً في عملية التطوير التنظيمي. الحكمة من التطوير ومتطلباته وأهدافه هي أساس التهيئة لقبول خطة التطوير ورعاية التنفيذ.

· المشاركة:
إن مبدأ مشاركة أصحاب العلاقة وأطراف الفعل في عملية وضع الخطط هو الضمان الأكبر لتهيئة الجميع نحو رعاية التنفيذ والمشاركة هنا تعني الإشتراك والمساهمة في اكتشاف فرص التطوير التنظيمي وتحديد الأولويات ووضع خطط التنفيذ.

· الإتصال الفعال:
يأخذ مفهوم الإتصال أبعاداً قد تبدوا متنوعة وهي في الحقيقة متشابكة ومتكاملة. قد يرمز لها بتدفق المعلومات Flow of Information، والمعلومات على خطوط العمل On-line Information ونظم معلومات الإدارة Management Information System ونظم التقارير ونظم العرض والتقديم وشبكة الإتصالات السمعية و/ أو البصرية.

كل هذه النظم والتسهيلات تؤكد بشدة على عملية الإتصال وأهميتها، وتتطلب عملية تنفيذ ورعاية خطط التطوير الوظيفي الأخذ بكافة هذه النظم وتأكيد توفير الحصول على المعلومة Accessibility to Information، ودينامية عملية الإتصال بحيث تتم بصفة روتينية وغير روتينية.

· التدريب:
يساعد التدريب على قبول التطوير ورعاية تنفيذ أو متابعة التطوير وهو عبارة عن إدخال تغييرات في مفهوم أو مواقف أو معلومات أو مهارات أو سلوك الموارد البشرية و/أو تغييرات في النظم والتنظيمات و/ أو إدخال تغييرات في معدات وتسهيلات العمل. وكل محور من هذه المحاور الثلاثة يعبر عن احتياج تدريجي يمهد إلى قبول التغيير ويدرب على التنفيذ.


رابعاً: المتابعة التصحيحية:
لا تكتمل بنود خطة عمل التطوير التنظيمي للمتابعة ويفضل أن يشترك في المتابعة عنصر من داخل المنظمة وعنصر استشاري من خارج المنظمة. وهناك طرق في المتابعة تعتمد على المقابلة وتقارير المتابعة وأسلوب حصر نتائج كمياً و/ أو نوعياً واكتشاف الأخطاء.
وكلما كانت الأهداف محددة بدقة كلما كانت عملية المتابعة ممكنة وخاضعة للقياس. وفي جميع الأحوال يفضل أن تشتمل خطة التطوير على أسس المتابعة، مثال ذلك ما يلي:

· متابعة أداء الموارد البشرية:
وذلك من خلال معدلات الأداء ومعدلات الغياب ومعدلات دوران العمل ومعدلات الإصابة ومؤشرات الشكاوي …الخ.

· متابعة أداء التسهيلات والمعدات:
وذلك من خلال قياس حجم الإنتاج وما طرأ عليه من تغييرات مثل تكلفة الوحدة، معدل التالف والمرتجع، حركة المخزون الراكد …الخ.

· معدل أداء النظم والتنظيمات:
وذلك من خلال كفاءة وفعالية وتكلفة الإتصال، تدفق المعلومات، حل المشكلات واتخاذ القرارات…الخ.




الخلاصة:
إن التطوير التنظيمي ضرورة من ضروريات إدارة الأعمال وبناء ونمو المنظمات. وتمر عملية التطوير التنظيمي لأي مؤسسة في مراحل أساسية أربعة هي الدراسة التشخيصية، ثم وضع خطة التقرير، ثم التهيئة لقبول التطوير ورعايته تنفيذاً ومتابعةً، أما المرحلة الرابعة فهي مرحلة قياس النتائج وإجراء المتابعة التصحيحية. ولكل مرحلة أساليبها وهي جميعاً تترابط فيما بينها وتتكامل بحيث تؤدي في النهاية إلى تحقيق الأهداف المحددة لعملية التطوير وهي البقاء والنمو، ومواجهة التغيرات الطارئة، وإدخال التغيرات المأمولة، من أجل صحة التطوير التنظيمي على المدى القريب والمدى البعيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق