السبت، 18 أبريل 2009

أبعاد الهوية الثقافية في منظمة الأعمال اليمنية

مدخل
> ابدأ ورقتي هذه بوضع أساس للموضوع وهو محاولة لوضع المفاهيم الاساسية في الموضوع تحت الدراسة المتمثل في «الهوية الثقافية الوطنية في اليمن: أبعادها النظرية والقومية العامة ودلالاتها الموضوعية الخاصة» الذي أضطلع بإعداده الاستاذ الدكتور حمود العودي، وليسمح لي الاستاذ الدكتور أن أتقدم بمداخلتي هذه على ورقته القيمة والتي حملت في طياتها ودرست موضوعاً من أهم المواضيع في بناء حضارة الأمم وتطورها ألا وهي أبعاد الهوية الثقافية في بناء الهوية الحضارية للمجتمعات، إذ ركزت الدراسة على وضع المفاهيم والمعادلات المنهجية في دراسة هوية المجتمعات البشرية الاساسية المرتبطة بمفهوم الهوية الثقافية.
كما ركزت بشكل أساسي على الهوية الخاصة والهوية العامة، وفي سياق هذا الاطار العام والخاص حاولت الورقة الوصول الى أهم الأبعاد النظرية والقومية ، ومن ثم عملت على شرح دلالاتها الموضوعية الخاصة ، الى هذا وذاك ركزت الورقة على المفهوم الكلي لها، كما أن الهوية الثقافية التي تناولتها الورقة انصبّ همها واهتمامها على أبعاد الهوية العامة والهوية الخاصة المجتمعية والمؤسسية ، وفي القسم الثالث منها تناولت الورقة «نمط الشخصية اليمنية: الأبعاد والدلالات».

ومن خلال قراءتي واطلاعي على البحث وجدت أن باستطاعتي أن اسهم ولو بشكل متواضع في حالة اذا ما حاولنا الاسترسال فيما درسه الباحث وذلك بدراسة وتحليل تلك الابعاد على الكيان الاصغر للمجتمع المتمثل في المؤسسات الانتاجية او ما نسميه نحن بلغة إدارة الاعمال «المنظمات» أو «الشركات» أو «المؤسسات»، وهذه الكيانات هي عبارة عن أنظمة مصغرة منبثقة عن مجتمعاتها التي أنشئت لخدمتها، وذلك من خلال تقديم السلع والخدمات التي يحتاجها مجتمعها.. إذاً فهذه الكيانات هي عبارة عن أنظمة اجتماعية لها هويتها الثقافية التي هي في حالة تغير مستمر، وأبعاد تلك الهوية الثقافية بالتأكيد تؤثر في أدائها واستمرارها ونموها،و يمكن أيضاً النظر الى هذه الكيانات بأنها انظمة اقتصادية واجتماعية تتأثر بمحتوى و أبعاد، ليس كما ذُكرت (الوطنية) بل قد تتأثر بأبعاد العالم الخارجي خاصة في ظل العولمة.
وفي مداخلتي سوف أحاول التركيز على الهوية المؤسسية او بمعنى آخر التركيز في بعض أبعاد الهوية الثقافية العامة التي عرضها البحث ومدى انعكاسها على الهوية الثقافية في منظمات الاعمال اليمنية، أي ثقافة المنظمات، ويقصد بمفهوم ثقافة المنظمة مجموعة القواسم المشتركة بين اعضاء المؤسسة، وبين أعضاء المؤسسة والمجتمع الذي يتعامل معها، وتشكل مجموعة المعتقدات والتوقعات والقيم المشتركة وعناصر التنظيم الاخرى جوهر ما يسمى بالثقافة التنظيمية السائد في المنظمة، وتشكل في مجملها اتجاهات ومعايير السلوك لتحديد ما هو مقبول وما هو غير مقبول من سلوكيات وقرارات على كافة المستويات داخل المؤسسة ..
الثقافة التنظيمية السائدة، مجموعة من الوظائف الهامة تتلخص فيما يلي:
- تمنح العاملين في المنظمة شعوراً بالهوية الخاصة والمميزة.
- تساعد على تنمية الولاء والالتزام للمنظمة كحالة موضوعية خارج نطاق الحاجات ا لذاتية المرتبطة بالمصالح الشخصية الضيقة.
- تضيف عناصر تساعد المنظمة على تعميق الاستقرار فيها.
- تشكل مرجعية للعاملين في المنظمة يعودون اليها عندما يواجهون حالات لا يستطيعون من خلالها إدراك مغزى النشاطات الإدارية، التي يصعب عليهم إدراك مغزاها، وقد اشارت الكثير من الادلة العملية بأن المنظمات التي تسودها ثقافة ذات قيمة ايجابية تنمو وتستمر، وان المنظمة التي لا تسودها ثقافة متماسكة تعاني عادة من كل أنواع القصور وعدم الكفاءة في عملياتها المختلفة.
ولعل من المحددات الثقافية في المنظمات اليمنية:
مركزية اتخاذ القرارات:
بالرغم من ان الدراسة التي بين أيدينا تشير الى أن من خصائص ثقافة المجتمع اليمني الشراكة في اتخاذ القرارات السياسية، وهذا ما تؤكده الدلالات التاريخية والدينية -بحسب الدراسة- وربما تكون المشاركة في اتخاذ القرار النابع من مفهوم الديمقراطية اسلوباً مهماً في الجانب السياسي، حتى في هذا الجانب فإنه مازال مشروطاً بتوافر عدد من المقومات مثل درجة ثقافة المجتمع وتطوره الاقتصادي، ولكن على مستوى المنظمات فإن ذلك يتوقف على الكيان الاقتصادي للمنظمة ونوع الملكية فيها.. ففي جانب الملكية الفردية عادة يتركز اتخاذ القرار لدى المالك، وهو الذي يستطيع أن يفوض اتخاذ القرارات الى المستويات الإدارية المختلفة أو إلى من يرى فيه الكفاءة، أما اذا كان طابع الشركة مساهمة فإن اتخاذ القرارات يتم في إطار مجلس إدارة الشركة، وله الحق في تفويض اتخاذ تلك القرارات الى الإدارة التنفيذية في المنظمة.. وعادة مركزية ولا مركزية القرارات في الإدارة يتوقف على درجة الاستقرار او التهديد الذي يشعر به متخذ القرار، وقدرته على التحكم في متغيرات القرار، وفي غالب الاحيان تسود مركزية اتخاذ القرار في المنظمات اليمنية.
2- القيم نحو المستقبل:
وفي جانب آخر فإن البعد الثقافي المرتبط بالتنبؤ بالمستقبل سوف يكون له تأثير على مدى اتجاه الإدارة نحو القرارات القصيرة الاجل وعدم الاهتمام بالقرارات الطويلة الاجل وبالتنبؤ بالمستقبل، لأن معتقدات المديرين في هذه المنظمات منبثقة من القضاء والقدر والذي لا يعلمه الا الله، وفي نظري فإن التنبؤ بالمستقبل أصبح علماً له أسسه وقواعده بحيث يصبح التنبؤ بالمستقبل وانحراف تنبؤات الإدارة في حدودها الدنيا، وبهذا فإن القرارات المتوسطة والطويلة الأجل لا تخالف إيمان الإدارة بالقضاء والقدر، وإنما هي مرتبطة بالإعداد للمستقبل وباستخدام الاساليب العلمية لها.
العمل الجماعي:
تعتبر خاصية العمل الجماعي هي الاكثر وضوحاً كما اشار اليها الباحث ، ولكن كيف يمكن أن تكون دلالاتها واضحة في منظمات الاعمال؟ والعمل الجماعي عادة يتصل بالعادات والتقاليد والاعراف، وهو الأكثر رسوخاً وشمولاً واستمرارية والذي تتلخص دلالاته في وجود درجة عالية من الإحساس والشعور بالمسؤولية الجماعية لدى العاملين تجاه بعضهم، في الظروف الاستثنائية وغير العادية، أي أنه في إطار المنظور العام والاجتماعي، فإن هذا البعد واضح -كما أشار اليه الباحث - ولكن من منظور منظمات الاعمال فإن العمل الجماعي والتعاون يكون محصلة مجموعة من المتغيرات التي قد لا تعكس هذا النوع من العمل الجماعي والتعاون، اي انه في ظروف المماحكات الادارية وعدم استقرار الدخل بل انخفاضه، قد يؤدي بالعمل الجماعي لأن تشوبه درجة عالية من المؤامرات والوشاية والاتكالية بين اعضاء الجماعة، كما ان عدم وضوح الأدوار والواجبات والمسؤوليات يؤدي الى إضعاف مبدأ العمل الجماعي، إنما بصفة عامة فإن مفهوم العمل الجماعي يعزز القدرة التنافسية في منظمات الاعمال التي يجب أن يديرها رؤساء تلك المجموعات للتغلب على تلك الشوائب، وهذا بالتأكيد يشير الى مفهوم العمل الجماعي الرسمي الذي يجب أن يحاط بالانظمة والاجراءات والقيم التي تعزز العمل الجماعي بما يحقق أهداف المنظمة، ولكن مازال هناك مفهوم العمل الجماعي غير الرسمي، وعادة ما تعزز القيم والسلوكيات مفهوم العمل الجماعي في الإطار غير الرسمي وهو اكثر وضوحاً في المستويات الإدارية الاقل، حيث يلجأ الافراد لهذا النوع من التكتلات لحماية مصالحهم في التنظيم غير الرسمي، مما يستدعي من الإدارة فهم هذا البعد ومحاولة إدماجه في إطار المفهوم الرسمي للعمل الجماعي.
قيمة العمل:
يشير هذا البعد الى مفهومين: مفهوم يتجه نحو القيمة التي يعطيها الافراد في المنظمة لنوع العمل، والمفهوم الثاني يتجه نحو اتجاه العاملين بالمنظمة الى أهمية العمل في تطوير منظماتهم، ففي المفهوم الاول أشارت كثير من الدلائل الى ان معظم الحضارات والثقافات القديمة وحتى قيام الثورة الصناعية عملت على احتقار العمل المهني واليدوي المنتج، وبالتالي تقييم أقل للأعمال والمهن المنتجة كالزراعة والصناعة والمهن الحرفية والخدمية، وكل ما له علاقة بالعمل والانتاج ، كما ان ممارسة هذه الاعمال والمهن كانت تقتصر على الطبقة الدنيا من المجتمع، في حين يتم تقييم الاعمال الإدارية المتخصصة بشكل أفضل، وهذا بالطبع ما يعكس تجاه الغالبية العظمى الى التعليم النظري في العلوم الانسانية، والابتعاد عن الانضمام الى المعاهد الفنية المهنية، وهذا بالطبع يؤدي الى وجود عجز في العمالة المتخصصة مما يجعل كثيراً من المنظمات تعمل على استقطاب مهارات من الخارج، وفي المفهوم الثاني والذي تؤكده الدراسة فإن المجتمع اليمني يقيم ويحترم العمل، الا ان هناك من الدلائل ما يشير الى أن قيمة العمل في المنظمات اليمنية يشير الى انحدار شديد فيها بسبب مركزية وفردية القرارات بالمنظمة، وانخفاض في كفاءة الافراد في المنظمة نظراً لضعف التحصيل العلمي، وعدم استقرار البيئة الخارجية ، وفي إطار ذلك فإن المنظمات تعمل على تغيير الاتجاه نحو تقييم العمل والعمل نفسه من خلال التدريب والتأهيل سواء في الوظيفة او خارجها، كما ان ذلك يتطلب من الإدارة العليا التوضيح المستمر لأهمية العمل كقيمة وكنوع ايضاً.
المساواة والعدالة في الحقوق والواجبات:
لعل الدراسة رمت الى مداركنا بأن المساواة بين الطرفين يميزها التكافؤ والتوازن وعدم الاحساس بالدونية او التميز تجاه الآخر مهما كانت صفته او اعتباره الاجتماعي والسياسي، فتلك تمثل أهم خواص الشخصية الاجتماعية اليمنية ومكوناتها الثقافية والتي عاشها الناس في الماضي والحاضر، وهنا يتساوى الاغنياء والفقراء، الحكام والمحكومون والمحظوظون، والقادة والاتباع والمرافقون، ولكن تظل هناك فروقات في ندية الحقوق والواجبات بين الافراد في التنظيم الواحد، وهذا ينبثق من عدد من العوامل، منها القدرات لدى الافراد، ومدى اقتناع المديرين بالفرد ، وايضاً المساهمة الفعالة للفرد في المنظمة، وفي هذه الحالة فإن الفوارق هي فوارق اقتصادية وظيفية، ولكنها ليست فوارق نفسية او روحية او معنوية، وهذا بالطبع سوف ينعكس على المساواة في الواجبات والمسؤوليات، ولكنه لا تؤثر على القناعة الذاتية بأن الواجبات والمسؤوليات هي منبثقة من المستوى الوظيفي الذي يقوم به الفرد، وبالتالي فإن احترام التسلسل الوظيفي بين الافراد إنما هو انعكاس لهذا البعد الثقافي.
ولكن هناك بعد ثقافي بدا يظهر في السنوات الاخيرة متجسداً في التمييز بين الافراد في التنظيم بناءً على اعتبارات مناطقية وطائفية.. وايضاً القيم المشتركة بين الافراد في المنظمة، حيث يتم التوظيف على أساس هذه الاعتبارات، وربما الحكم على الأداء أيضاً ، وفي إطار الفكر الاداري الكفؤ، فإن الاختيار والتعيين وايضاً المساواة في الواجبات والحقوق لابد لها أن تُبنى على معايير الكفاءة والقدرات والتي سيكون لها الأثر الايجابي في تحقيق أهداف المنظمة.
القدرة على التفاعل مع البيئة:
من المشهود أن الانسان اليمني سريع الانفعال او التفاعل مع المتغيرات والمستجدات التي تفرزها بيئته الداخلية او الخارجية ، فيتعامل مع كل جديد بحماس واندفاع مشبوب بالعواطف ويخلو احياناً من التعقل الكافي والتمحيص، لما هو مفيد وغير مفيد، والصح والخطأ ولكنه سرعان ما يتراجع وبنفس السرعة إذا ما اكتشف خطأ اختياره او وجد جديداً آخر يراه خيراً مما قبله، وهذا البعد في مكونات الثقافة اليمنية تعكس جوانب سلبية وأخرى ايجابية ، فهي تكشف عن المرونة والانفتاح في عقلية اليمني على نفسه وعلى بيئته، كما تكسبه قدرة على التعامل والتكيف مع الظروف المختلفة.. وفي جانب سلبياته فإن الموظف أو الإدارة قد تندفع بحماس للتعامل مع المستجدات، ويكون ضررها أكثر من نفعها، خاصة في ظل ظروف التخلف والافتقار الى المعرفة العلمية والوعي العلمي الناضج.. وهذا بالتأكيد سوف ينعكس على منظمات الاعمال، حيث أنها سوف تصبح اكثر حساسية لما يستجد من معلومات في البيئة الخارجية والداخلية.. ولكن ما يجب على المنظمة عمله هو محاولة التنبؤ بالاحداث قبل وقوعها والإعداد مسبقاً لها بدلاً من اتخاذ سياسة الفعل ورد الفعل، والتي في الغالب تكون اكثر تكلفة على المنظمة.
خاصية رفض الأمر الواقع:
كما أشارت الدراسة فإن ظروف المكان ومصادر وظروف العيش في اليمن لا تعطي بقدر ما يبذل فيها من جهد، كأنها ليست مستقرة وثابتة مما يؤدي الى ظهور خصائص ثقافية تنبثق من هذا الوضع، منها كما اشارت الدراسة مبادئ المساواة والتعاون واحترام العمل والانفتاح على الذات والآخر، يضاف الى ذلك نزعة التمرد والرفض للأمر الواقع غير المقبول بالنسبة للفرد،.. هذه الخاصية انعكاسها سوف يتمثل في عدم الاستقرار في مكان واحد والتنقل بين الوظائف والمنظمات، وبالتالي فإن القدرة على تنمية المهارات عادة ما تكون في أدناها، لو أن الفرد لم يستقر في وظيفة واحدة، أما على مستوى الإدارة ومتخذ القرارات الاستراتيجية فإن ذلك سوف ينعكس بالتأكيد على عدم استقرار المنظمة في أنشطة محددة وربما يتم اتخاذ قرارات استثمارية مستمرة مما قد يؤثر بشكل أو بآخر على نمو واستقرار المنظمة، ولكن في الجانب الآخر فإن الرفض المستمر للواقع يجعل الافراد يبحثون عن الافضل، كما ان متخذي القرارات ايضاً يبحثون عن الفرص الاستثمارية التي سوف تحقق لهم أرباحاً أعلى ومخاطر أقل، أو ربما تعمل تلك القرارات على التنويع في أنشطة المنظمة مما يقلل من المخاطر.
كما أن مبدأ الرفض للأمر الواقع أيضاً ينعكس بشكل أو بآخر على العلاقات الفردية والجماعية داخل المنظمة، وبالرغم من أن الدلالات تؤيد النزعة الى الصراعات و المؤامرات الجماعية كالتعبير عن خاصية الرفض والتمرد على الواقع بالمعنى العام السياسي والقبلي والمناطقي والطائفي، الا انه واضح أيضاً على المستوى الاجتماعي الفردي والعائلي، وعادة ما ينعكس ذلك المنازعات على الحقوق بين الملاك في المنظمة وبين الإدارة والافراد العاملين فيها، فمنازعات الحقوق كثيرة في منظماتنا الاقتصادية حيث أنه قد ينجح الطرف الأقوى نفوذاً ومركزاً في فرض موقفه بحق أو بدون حق على الطرف الآخر والذي من جانبه لا يسلم للأمر الواقع ويظل يرفض ويقاوم ولو بعد حين.. و إذا قسنا ذلك على العلاقة بين الرئيس والمرؤوس، المالك وغير المالك، فإن العلاقة بين هذه الاطراف لا تستند الى مبدأ القوة او الخوف وفرض الامر الواقع، ولكن تحكمها الندية والمواجهة والقناعة في الولاء والتعاون في العمل والمسؤولية الذاتية في أداء الواجبات واحترام الحقوق وليس على مبدأ الامر الواقع من طرف والاستسلام له من طرف آخر.. وإذا تمعنا في هذا المبدأ فإنه يفسر لنا بأن رفض الامر الواقع ينعكس على طرفي العلاقة في الإدارة بينهما البين والإدارة والعاملين وايضاً الملاك أنفسهم.
وفي هذا الاطار فقد يكون صاحب الرفض ليس على حق ولكنه لا يهدف من رفضه سوى إلحاق الضرر بالطرف الآخر من العلاقة، الامر الذي قد يجعل الاطراف يقفون ضد أنفسهم وضد مصالحهم.
وهنا فإن على الإدارة أن تتنبه لهذه الخاصية لأنها تعتبر من القيود الثقافية عليها ولا بد من التنبه والإعداد لمواجهتها من خلال وضوح الحقوق والواجبات والانظمة واللوائح المنظمة لذلك، وذلك لتفادي النزاعات المستمرة فيها.
منطقية التفكير والسلوك:
كما عرفها الباحث بأن مفهوم ومضمون هذه الثقافة كصفة جوهرية في ثقافتنا الوطنية وفي اهتمام الانسان اليمني وتركيزه النظري والعملي على ما هو موضوعي مرتبط بتلبية احتياجاته الضرورية والدفاع عن نفسه من جهة وإعراضه او عدم غلوه فيما هو عقائدي وزهده الشديد فيما هو خيالي وفلسفي ميتافيزيقي من جهة اخرى، وميله الى التبسيط والتجريب العقلاني في التفكير والسلوك من جهة ثالثة، بالرغم من أن هذه الهوية الثقافية تشكل القاسم المشترك في كل تفاصيل الحياة الاجتماعية المادية والروحية للمجتمع اليمني ماضياً وحاضراً، الا انها من أقل مفردات هذه الثقافة حضوراً أو تبلوراً في فهم ووعي اليمنيين وغير اليمنيين في الوقت الحاضر على الأقل.. وربما أن هذه الخاصية تنعكس على من يعملون بالمنظمات إذ أن سلوكهم ومعتقداتهم سوف تتجه نحو تكريس اهتمامهم وقدراتهم وطاقاتهم الى شؤون حياتهم العملية المرتبطة بالانتاج، وفي الجانب الآخر فإن ما هو متعلق بالفلسفات الخيالية والمعتقدات الدينية حتى الآداب والفنون الخيالية، وبالرغم من وجودها الجزئي الا انها لا تكاد تذكر بجانب ما هو عقلاني وعملي متصل بالواقع ومتطلباته الحياتية العادية والعملية، والتي يسعى الى ممارستها من يعملون في المنظمات ، فالسلوك موجه نحو السلوك الاقتصادي الذي يحقق للعاملين في المنظمة الدخل الأساسي، الذي بدوره سوف يحقق لهم درجة من الاستقرار، أما في جانب الإدارة فإن المنطقية والعقلانية تجعل القرارات التي تتخذها تتجه نحو الواقعية ، وبالتالي قد يؤدي ذلك الى مخاطر أقل.
نستطيع أن نخلص مما أشارت اليه ورقتي التي بنيتها على أبعاد الهوية الثقافية اليمنية، بأن أبعاد الهوية الثقافية في المجتمع سوف تنعكس على هوية منظمات الاعمال اليمنية، والتي بدورها سوف تؤثر على أداء تلك المنظمات، وقد حاولت أن احلل أبعادها في منظمات الاعمال اليمنية.
مثلما حاولت دراسة الدكتور العودي وضع أبعاد الهوية الثقافية اليمنية بالرغم من أن هناك دراسات كثيرة حاولت تحديد أبعاد الهوية الثقافية في المجتمعات بصفة عامة، كما حاولت دراسات أخرى تحديد أبعاد ثقافة المنظمات أيضاً بصفة عامة ، وهناك دراسات محدودة جداً ركزت على أبعاد الهوية الثقافية في اليمن ومنها دراسة الدكتور العودي، الا ان الدراسات التي اهتمت بأبعاد الهوية الثقافية في المنظمات اليمنية تكاد تكون معدومة.. وهذا ما شجعني أن أبني على دراسة الدكتور العودي أبعاد الهوية الثقافية في منظمة الاعمال ومدى تأثير تلك الأبعاد على أداء الافراد فيها وأداء المنظمات بصفة عامة.. واعتبر مداخلتي هذه ما هي الا مساهمة بسيطة لفتح أفق للباحثين في مجال ثقافة المنظمات اليمنية، وذلك للتعرف على أبعادها وكيفية قياسها وتأثيرها على عناصر ومكونات منظمة الاعمال اليمنية من حيث طريقة اتخاذ القرارات، علاقات العمل، التأثير في تكوين فريق العمل، التأثير في استراتيجية المنظمات اليمنية، السياسات، طرق العمل، علاقات العمل، وبالتأكيد سينعكس ذلك سلباً أو إيجاباً على أداء منظمات الأعمال ومن ثم على نموها وتطورها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق