الثلاثاء، 14 أبريل 2009

أهمية الثقافة التنظيمية في نجاح تطبيق الجودة الشاملة

بسم الله الرحمن الرحيمأهمية الثقافة التنظيمية في نجاح تطبيق الجودة الشاملةيدور الكثير من الجدل في أدبيات التنظيم الإداري عن مدى نجاح إدارة الجودة الشاملة كأداة للتطوير الإداري، فمن جهة هناك من يرى أن هذا الأسلوب لم يحقق الكثير من النجاح في الدول الأوروبية وفي الولايات المتحدة الأمريكية بالرغم من نجاحه في اليابان (انظر على سبيل المثال هاراري Harari ، 1997م)، وهناك من يرى أن تطبيق أسلوب إدارة الجودة الشاملة كان ناجحا في ثلثي محاولات التطبيق، وأنها (أي الجودة الشاملة) حققت في هذه الحالات نتائج هامة (ياندرك Yandrick، 1994م).وفي أدبيات إدارة الجودة الشاملة هناك عدة مقالات وأبحاث تقدم تفسيرات لأسباب صعوبة تطبيق إدارة الجودة الشاملة (لوثانس Luthans، 1995م) ومن أهم هذه التفسيرات هو عدم توفر الثقافة التنظيمية الملائمة لتطبيق الجودة الشاملة في المنظمات الإدارية التي لم تنجح في تطبيق هذا الأسلوب (مكناب وسيبك McNabb and Sepic، 1995م، بوين ولولر Bowen and LawLer، 1992م).بعد هذه المقدمة النظرية (والتي كان من الضروري إبرازها بهدف التأهيل العلمي للأفكار التي سترد فيما بعد، واعتذر للقارئ الكريم عن ذلك) لا بد أن نحدد ما هو المقصود بمصطلح الثقافة التنظيمية.ببساطة الثقافة التنظيمية هي القيم والاتجاهات والأدوار والسلوك والعادات التي يحملها أفراد التنظيم والتي تؤثر على طريقة ومستوى أدائهم لأعمالهم. ** أمثلة: الإيمان بضرورة بذل أقصى جهد في العمل أو العكس أي الرغبة في بذل أقل جهد ممكن الرغبة في تحقيق إنجازات في العمل. الرغبة في التطوير. الإيمان بضرورة التطوير. الرغبة في تقديم العمل الذي يتم به استحلال الأجر. الإيمان بإمكانية التطوير. رغبة الموظف في تقديم أفضل خدمة للآخرين.إن الحديث والتعامل مع منسوبي الجامعة فقط (وهناك حاجة إلى دراسة علمية للتعرف على الثقافة التنظيمية في الجامعة بأسلوب علمي مقنن) يؤدي إلى تكوين انطباع بأن هناك حاجة إلى إحداث تغيير في الثقافة التنظيمية في الجامعة لتصبح أكثر إيجابية نحو عمليات التطوير. وقد كان هذا الانطباع موجودا حتى قبل البدء في تطبيق الجودة الشاملة وفي الحقيقة كان تطبيق الجودة الشاملة هو محاولة لتغيير الثقافة التنظيمية ضمن أهداف أخرى عديدة.لشرح الجملة الواردة أعلاه أقول إن إدارة الجودة الشاملة لها جانبان: الجانب الأول هو فلسفة الجودة الشاملة والتي تقوم على أهمية تحقيق رضاء المستفيد من الخدمات وضرورة التطوير والتحسين وإلى غير ذلك من مبادئ الجودة الشاملة التي أوضحها في أوراق ومحاضرات سابقة. كما تطرق إليها الأخوة الزملاء في عدة مقالات ظهرت في هذه النشرة، أما الجانب الثاني فهو جانب الأدوات المستخدمة في تطبيق الجودة الشاملة وهذه أدوات طورت في مجال الصناعة، ولذلك فبعضها لا يناسب وضع الجامعة، لذلك ما يهمنا في الجودة الشاملة هو الفلسفة والقواعد العامة وأهمها ما يمكن تسميته بالتمكين أو تفويض السلطة empowerment، حيث أن فرق العمل أو اللجان التي ستنشأ لإحداث تطوير معين والتي ستتكون من الموظفين الذين يعملون في هذا المجال، بالإضافة إلى المستفيدين ومن لهم علاقة بهذا العمل ستكون لديها حرية إحداث التطويرات التي تراها مناسبة، وبالتالي سيصبح بيدها اتخاذ الكثير من القرارات. وفي حالة الحاجة إلى الحصول على موافقة جهة أعلى وخاصة الإدارة العليا تم وضع نظام لعرض مواضيع التطوير على اجتماعات الإدارة العليا. بحيث يتم البت في كل موضوع في أيام معدودة.وكان من المتوقع أن هذا التمكين بالإضافة إلى الاقتناع بضرورة التطوير لمواجهة التحديات القادمة سيقضي على السلبية والشعور باللامبالاة الذي يعتبر أحد ظواهر الثقافة التنظيمية في الجامعة، والذي ظهر نتيجة لوضع الجامعة كمؤسسة حكومية تحد من حرية الحركة كثيرا ولكن لا تلغيها تماما.لذلك كان من أهم الرسائل التي تم التركيز عليها عند التعريف بالجودة الشاملة هي أن فرق العمل أو اللجان ستكون هي متخذة القرارات وأن لدى كل موظف الفرصة لإحداث التطويرات التي كان يرى أنها ضرورية في مجال عمله ولم تكن لديه القدرة لإجرائها.وهكذا فإن تطبيق الجودة الشاملة كان هدفه هو جعل الثقافة التنظيمية أكثر إيجابية نحو التطوير وأكثر تحفيزا لبذل الجهد اللازم للتطوير، ولكن المهمة ليست سهلة فليس من السهل تغيير ثقافة تنظيمية تكونت خلال سنوات طويلة، فالمهمة صعبة وتحتاج إلى جهود ضخمة، ولكن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، وقد بدأت الجامعة –ولله الحمد- في الخطوة الأولى، فقد بدأت المحاولات لتغيير القيم والاتجاهات السائدة بين منسوبي الجامعة، ولكن كما قلنا أن المهمة صعبة خاصة وأن الشعور بالسلبية واللامبالاة يجعل من الصعب الوصول إلى أذهان المخاطبين. فبعضهم قد لا يرغب في قراءة النشرات وحضور الندوات أو اللقاءات، وبالتالي يصبح من المستحيل أساسا إيصال الرسائل إليهم. فما بالك باقتناعهم بهذه الرسائل؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق